وَقَالَ يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ: دَبَرَ: انْقَضَى، وَأَدْبَرَ: تَوَلَّى. وَقَالَ قَتَادَةُ: دَبَرَ اللَّيْلُ: وَلَّى. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَدَبَرَ بمعنى أدبر، كقبل بِمَعْنَى أَقْبَلَ. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ دَبَرَ اللَّيْلُ النَّهَارَ: أَخْلَفَهُ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: أَسْفَرَ رباعيا وَابْنُ السَّمَيْفَعِ وَعِيسَى بْنُ الْفَضْلِ: سَفَرَ ثُلَاثِيًّا، وَالْمَعْنَى:
طَرَحَ الظُّلْمَةَ عَنْ وَجْهِهِ.
إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ: الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي إِنَّهَا عَائِدٌ عَلَى النَّارِ. قِيلَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلنِّذَارَةِ، وَأَمْرُ الْآخِرَةِ فَهُوَ لِلْحَالِ وَالْقِصَّةِ. وَقِيلَ: إِنَّ قِيَامَ السَّاعَةِ لَإِحْدَى الْكُبَرِ، فَعَادَ الضَّمِيرِ إِلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ، وَمَعْنَى إِحْدَى الْكُبَرِ: الدَّوَاهِي الْكُبَرِ، أَيْ لَا نَظِيرَ لَهَا، كَمَا تَقُولُ:
هُوَ أَحَدُ الرِّجَالِ، وَهِيَ إِحْدَى النِّسَاءِ، وَالْكُبَرُ: الْعَظَائِمُ مِنَ الْعُقُوبَاتِ.
وَقَالَ الرَّاجِزُ:
يَا ابْنَ الْمُعَلَّى نَزَلَتْ إِحْدَى الْكُبَرِ ... دَاهِيَةُ الدَّهْرِ وَصْمَاءُ الْغِيَرِ
وَالْكُبَرُ جَمْعُ الْكُبْرَى، طُرِحَتْ أَلِفُ التَّأْنِيثِ فِي الْجَمْعِ، كَمَا طُرِحَتْ هَمْزَتُهُ فِي قَاصِعَاءَ فَقَالُوا قَوَاصِعُ. وَفِي كِتَابِ ابْنِ عَطِيَّةَ: وَالْكُبَرُ جَمْعُ كَبِيرَةٍ، وَلَعَلَّهُ مِنْ وَهْمِ النَّاسِخِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: لَإِحْدَى بِالْهَمْزِ، وَهِيَ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ أَصْلُهُ لَوِحْدَى، وَهُوَ بَدَلٌ لَازِمٌ. وَقَرَأَ نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ: بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ، وَهُوَ حَذْفٌ لَا يَنْقَاسُ، وَتَخْفِيفُ مِثْلِ هَذِهِ الْهَمْزَةِ أَنْ تُجْعَلَ بَيْنَ بَيْنَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ جَوَابٌ لِلْقَسَمِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أو تعليل لكلا، وَالْقَسَمُ مُعْتَرِضٌ لِلتَّوْكِيدِ. انْتَهَى.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: نَذِيراً، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا بِمَعْنَى الْإِنْذَارِ، كَالنَّكِيرِ بِمَعْنَى الْإِنْكَارِ، فَيَكُونُ تَمْيِيزًا: أَيْ لَإِحْدَى الْكُبَرِ إِنْذَارًا، كَمَا تَقُولُ: هِيَ إِحْدَى النِّسَاءِ عَفَافًا. كَمَا ضُمِّنَ إِحْدَى مَعْنَى أَعْظَمَ، جَاءَ عَنْهُ التَّمْيِيزُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ مَصْدَرٌ نُصِبَ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ، أَيِ أَنْذِرْ إِنْذَارًا. وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ اسْمَ فَاعِلٍ بِمَعْنَى مُنْذِرٍ. فَقَالَ الزَّجَّاجُ: حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي إِنَّهَا. وَقِيلَ: حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي إِحْدَى، وَمَنْ جَعَلَهُ متصلا بقم فِي أَوَّلِ السُّورَةِ، أَوْ بفأنذر فِي أَوَّلِ السُّورَةِ، أَوْ حَالًا مِنْ الْكُبَرِ، أَوْ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ الْكُبَرِ، فَهُوَ بِمَعْزِلٍ عَنِ الصَّوَابِ. قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: وَالْمُخْتَارُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِمَّا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْجُمْلَةُ تَقْدِيرُهُ: عَظُمَتْ نَذِيرًا. انْتَهَى، وَهُوَ قَوْلٌ لَا بَأْسَ بِهِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَحُذِفَتِ الْهَاءُ مِنْ نَذِيرًا، وَإِنْ كَانَ لِلنَّارِ عَلَى مَعْنَى النَّسَبِ، يَعْنِي ذَاتَ الْإِنْذَارِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ: أَعْنِي نَذِيرًا. وَقَالَ الْحَسَنُ:
لِأُنْذِرَ، إِذْ هِيَ مِنَ النَّارِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا الْقَوْلُ يَقْتَضِي أَنَّ نَذِيرًا حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute