النُّفُوسُ تَحِنُّ إِلَى أَوْطَانِهَا وَتَنْزِعُ إِلَى مَذَاهِبِهَا، وَلَهَا نَزْعٌ عِنْدَ الْمَوْتِ. وَقَالَ عَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ:
الْقِسِيُّ أَنْفُسُهَا تُنْزَعُ بِالسِّهَامِ. وَقَالَ عَطَاءٌ أَيْضًا: الْجَمَاعَاتُ النَّازِعَاتُ بِالْقِسِيِّ وَغَيْرِهَا إِغْرَاقًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمَنَايَا تَنْزِعُ النُّفُوسَ. وَقِيلَ: النَّازِعَاتُ: الْوَحْشُ تَنْزِعُ إِلَى الْكَلَأِ، حَكَاهُ يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ. وَقِيلَ: جَعَلَ الْغُزَاةَ الَّتِي تَنْزِعُ فِي أَعِنَّتِهَا نَزْعًا تَغْرَقُ فِيهِ الْأَعِنَّةُ لِطُولِ أَعْنَاقِهَا لِأَنَّهَا عِرَابٌ، وَالَّتِي تَخْرُجُ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ، قَالَهُ فِي الْكَشَّافِ.
وَالنَّاشِطاتِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: الْمَلَائِكَةُ تَنْشَطُ النُّفُوسَ عِنْدَ الْمَوْتِ، أَيْ تَحُلُّهَا وَتَنْشَطُ بِأَمْرِ اللَّهِ إِلَى حَيْثُ كَانَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا وقتادة وَالْحَسَنُ وَالْأَخْفَشُ:
النُّجُومُ تَنْشَطُ مِنْ أُفُقٍ إِلَى أُفُقٍ، تَذْهَبُ وَتَسِيرُ بِسُرْعَةٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: الْمَنَايَا. وَقَالَ عَطَاءٌ: الْبَقَرُ الْوَحْشِيَّةُ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا مِنَ الْحَيَوَانِ الَّذِي يَنْشَطُ مَنْ قُطْرٍ إِلَى قُطْرٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا: النُّفُوسُ الْمُؤْمِنَةُ تَنْشَطُ عِنْدَ الْمَوْتِ لِلْخُرُوجِ. وَقِيلَ: الَّتِي تَنْشَطُ لِلْإِزْهَاقِ.
وَالسَّابِحاتِ،
قَالَ عَلِيٌّ وَمُجَاهِدٌ: الْمَلَائِكَةُ تَتَصَرَّفُ فِي الْآفَاقِ بِأَمْرِ اللَّهِ، تَجِيءُ وَتَذْهَبُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ وَالْحَسَنُ: النُّجُومُ تَسْبَحُ فِي الْأَفْلَاكِ. وَقَالَ أَبُو رَوْقٍ: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ. وَقَالَ عَطَاءٌ وَجَمَاعَةٌ: الْخَيْلُ، يُقَالُ لِلْفَرَسِ سَابِحٌ. وَقِيلَ: السَّحَابُ لِأَنَّهَا كَالْعَائِمَةِ فِي الْهَوَاءِ. وَقِيلَ: الْحِيتَانُ دَوَابُّ الْبَحْرِ فَمَا دُونَهَا وَذَلِكَ مِنْ عِظَمِ الْمَخْلُوقَاتِ، فَيُبْدِي أَنَّهُ تَعَالَى أَمَدَّ فِي الدُّنْيَا نَوْعًا مِنَ الْحَيَوَانِ، مِنْهَا أَرْبَعُمِائَةٍ فِي الْبَرِّ وَسِتُّمِائَةٍ فِي الْبَحْرِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ أَيْضًا: السُّفُنُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: الْمَنَايَا تَسْبَحُ فِي نُفُوسِ الْحَيَوَانِ.
فَالسَّابِقاتِ، قَالَ مُجَاهِدٌ: الْمَلَائِكَةُ سَبَقَتْ بَنِي آدَمَ بِالْخَيْرِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَقَالَهُ أَبُو رَوْقٍ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَنْفُسُ الْمُؤْمِنِينَ تَسْبِقُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَقْبِضُونَهَا، وَقَدْ عَايَنَتِ السُّرُورَ شَوْقًا إِلَى لِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ عَطَاءٌ: الْخَيْلُ، وَقِيلَ: النُّجُومُ، وَقِيلَ: الْمَنَايَا تَسْبِقُ الْآمَالَ. فَالْمُدَبِّراتِ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ لَا أَحْفَظُ خِلَافًا أَنَّهَا الْمَلَائِكَةُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا الَّتِي تُدَبِّرُ الْأُمُورَ الَّتِي سَخَّرَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَصَرَّفَهَا فِيهَا، كَالرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ وَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ. انْتَهَى. وَقِيلَ: الْمَلَائِكَةُ الْمُوَكَّلُونَ بِالْأَحْوَالِ: جِبْرِيلُ لِلْوَحْيِ، وَمِيكَائِيلُ لِلْمَطَرِ، وَإِسْرَافِيلُ لِلنَّفْخِ فِي الصُّورِ، وَعِزْرَائِيلُ لِقَبْضِ الْأَرْوَاحِ. وَقِيلَ: تَدْبِيرُهَا: نُزُولُهَا بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ. وَقَالَ مُعَاذٌ: هِيَ الْكَوَاكِبُ السَّبْعَةُ، وَإِضَافَةُ التَّدْبِيرِ إِلَيْهَا مَجَازٌ، أَيْ يَظْهَرُ تَقَلُّبُ الْأَحْوَالِ عِنْدَ قِرَانِهَا وَتَرْبِيعِهَا وَتَسْدِيسِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَلَفَّقَ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَقْوَالًا اخْتَارَهَا وَأَدَارَهَا أَوَّلًا عَلَى ثَلَاثَةٍ: الْمَلَائِكَةُ أَوِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute