للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذْ أَدْبَرَ

«١» . وَقَالَ الْأَخْفَشُ وَابْنُ قُتَيْبَةَ: يَسْرِي فِيهِ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ لَيْلُكَ نائم. وقال مجاهد وعكرمة وَالْكَلْبِيُّ: الْمُرَادُ لَيْلَةُ جَمْعٍ لِأَنَّهُ يَسْرِي فِيهَا، وَجَوَابُ الْقَسَمِ مَحْذُوفٌ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَهُوَ لَنُعَذِّبَنَّ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلِهِ: أَلَمْ تَرَ إِلَى قَوْلِهِ: فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ. وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: الْجَوَابُ: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْجَوَابَ مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْغَاشِيَةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ «٢» ، وَتَقْدِيرُهُ: لَإِيَابُهُمْ إِلَيْنَا وَحِسَابُهُمْ عَلَيْنَا. وَقَوْلُ مُقَاتِلٍ: هَلْ هُنَا فِي مَوْضِعٍ تَقْدِيرُهُ: إِنَّ فِي ذَلِكَ قَسَمًا لِذِي حِجْرٍ. فَهَلْ عَلَى هَذَا فِي مَوْضِعِ جَوَابِ الْقَسَمِ، قَوْلٌ لَمْ يَصْدُرْ عَنْ تَأَمُّلٍ، لِأَنَّ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ التَّرْكِيبُ إِنَّ فِي ذَلِكَ قَسَمًا لِذِي حِجْرٍ لَمْ يُذْكَرْ، فَيَبْقَى قَسَمٌ بِلَا مُقْسَمٍ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الَّذِي قَدَّرَهُ مِنْ أَنَّ فِي ذَلِكَ قَسَمًا لِذِي حِجْرٍ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُقْسَمًا عَلَيْهِ، وَهَلْ فِي ذَلِكَ تَقْرِيرٌ عَلَى عِظَمِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ، أَيْ هَلْ فِيهَا مَقْنَعٌ فِي الْقَسَمِ لِذِي عَقْلٍ فَيَزْدَجِرُ وَيُفَكِّرُ فِي آيَاتِ اللَّهِ. ثُمَّ وَقَفَ الْمُخَاطَبَ عَلَى مَصَارِعِ الْأُمَمِ الْكَافِرَةِ الْمَاضِيَةِ مَقْصُودًا بِذَلِكَ تَوَعُّدُ قُرَيْشٍ، وَنَصْبُ الْمَثَلِ لَهَا. وَعَادٌ هُوَ عَادُ بْنُ عَوْصٍ، وَأُطْلِقَ ذَلِكَ عَلَى عَقِبِهِ، ثُمَّ قِيلَ لِلْأَوَّلِينَ مِنْهُمْ عَادًا الْأُولَى وَإِرَمُ، نِسْبَةٌ لَهُمْ بِاسْمِ جَدِّهِمْ وَلِمَنْ بَعْدَهُمْ عَادٌ الْأَخِيرَةُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: هِيَ قَبِيلَةٌ بِعَيْنِهَا. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: إِرَمُ هُوَ أَبُو عَادٍ كُلِّهَا.

وَقَالَ الْجُمْهُورُ: إِرَمُ مَدِينَةٌ لَهُمْ عَظِيمَةٌ كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الدَّهْرِ بِالْيَمَنِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: هِيَ الْإِسْكَنْدَرِيَّةُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْمَقْبُرِيُّ: هِيَ دِمَشْقُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا:

إِرَمُ مَعْنَاهُ الْقَدِيمَةُ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: بِعَادٍ مصر، وفا إِرَمَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ مَمْنُوعُ الصَّرْفِ لِلتَّأْنِيثِ وَالْعَلَمِيَّةِ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْقَبِيلَةِ، وَعَادٌ، وَإِنْ كَانَ اسْمَ الْقَبِيلَةِ، فَقَدْ يُلْحَظُ فِيهِ مَعْنَى الْحَيِّ فَيُصْرَفُ أَوْ لَا يُلْحَظُ، فَجَاءَ عَلَى لُغَةِ مَنْ صَرَفَ هِنْدًا، وَإِرَمَ عَطْفُ بَيَانٍ أَوْ بَدَلٌ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ: بِعَادِ غَيْرَ مَمْنُوعِ الصَّرْفِ مُضَافًا إِلَى إِرَمَ، فَجَازَ أن يكون إرم وجدا وَمَدِينَةً وَالضَّحَّاكُ: إِرَمُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَمَا بَعْدَهَا مَمْنُوعَيِ الصَّرْفِ. وَقَرَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: بِعَادِ بِالْإِضَافَةِ، أَرِمَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، وَهِيَ لُغَةٌ فِي الْمَدِينَةِ، وَالضَّحَّاكُ: بعاد مصروفا، وبعاد غَيْرَ مَصْرُوفٍ أَيْضًا، أَرْمَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ تَخْفِيفِ أَرِمَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكِ: أَرَمَّ فِعْلًا مَاضِيًا، أَيْ بَلِيَ، يُقَالُ: رَمَّ الْعَظْمُ وَأَرَمَّ هُوَ: أَيْ بَلِيَ، وَأَرَمَّهُ غَيْرُهُ مُعَدًّى بِالْهَمْزَةِ من رم الثلاثي. وذات عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ مَكْسُورَةُ التاء وابن عباس


(١) سورة المدثر: ٧٤/ ٣٣.
(٢) سورة الغاشية: ٨٨/ ٢٥- ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>