للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَرَأَ الْأَعْرَجُ وَابْنُ عَامِرٍ ونافع: البرءة بِالْهَمْزِ مِنْ بَرَأَ، بِمَعْنَى خَلَقَ. وَالْجُمْهُورُ: بِشَدِّ الْيَاءِ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ الْهَمْزُ، ثُمَّ سُهِّلَ بِالْإِبْدَالِ وَأَدْغَمَ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْبَرَاءِ، وَهُوَ التُّرَابُ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا الِاشْتِقَاقُ يَجْعَلُ الْهَمْزَ خَطَأً، وَهُوَ اشْتِقَاقٌ غَيْرُ مَرْضِيٍّ، وَيَعْنِي اشْتِقَاقَ الْبَرِيَّةِ بِلَا هَمْزٍ مِنَ الْبُرَا، وَهُوَ التُّرَابُ، فَلَا يَجْعَلُهُ خَطَأً، بَلْ قِرَاءَةُ الْهَمْزِ مُشْتَقَّةٌ مِنْ بَرَأَ، وَغَيْرُ الْهَمْزِ مِنَ الْبُرَا وَالْقِرَاءَتَانِ قَدْ تَخْتَلِفَانِ فِي الِاشْتِقَاقِ نَحْوَ: أَوْ نَنْسَاهَا أَوْ نُنْسِهَا، فَهُوَ اشْتِقَاقٌ مَرْضِيٌّ. وَحُكْمٌ عَلَى الْكُفَّارِ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ بِالْخُلُودِ فِي النَّارِ وَبِكَوْنِهِمْ شَرَّ الْبَرِيَّةِ، وَبَدَأَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَطْعَنُونَ فِي نُبُوَّتِهِ، وَجِنَايَتُهُمْ أَعْظَمُ لِأَنَّهُمْ أَنْكَرُوهُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ، وَشَرُّ الْبَرِيَّةِ ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ. وَقِيلَ: شَرُّ الْبَرِيَّةِ: الَّذِينَ عَاصَرُوا الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ فِي كُفَّارِ الْأُمَمِ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ، كَفِرْعَوْنَ وَعَاقِرِ نَاقَةِ صَالِحٍ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: خَيْرُ الْبَرِيَّةِ مُقَابِلُ شَرُّ الْبَرِيَّةِ وَحَمِيدٌ وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ: خِيَارُ الْبَرِيَّةِ جَمْعُ خَيِّرٍ، كَجِيِّدٍ وَجِيَادٍ. وَبَقِيَّةُ السُّورَةِ وَاضِحَةٌ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُ ذَلِكَ إفرادا وتركيبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>