للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُهِلُّ بِالْفَدْفَدِ رُكْبَانُنَا ... كَمَا يُهِلُّ الرَّاكِبُ الْمُعْتَمِرْ

وَقَالَ النَّابِغَةُ:

أَوْ دُرَّةٍ صَدَفِيَّةٍ غَوَّاصُهَا ... بَهِجٌ مَتَى تَرَهُ يُهِلُّ وَيَسْجُدُ

وَمِنْهُ: إِهْلَالُ الصَّبِيِّ وَاسْتِهْلَالُهُ، وَهُوَ صِيَاحُهُ عِنْدَ وِلَادَتِهِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:

يَضْحَكُ الذِّئْبُ لِقَتْلَى هُذَيْلٍ ... وَتَرَى الذِّئْبَ لَهَا يَسْتَهِلُّ

الْبَطْنُ: مَعْرُوفٌ، وَجَمْعُهُ عَلَى فُعُولٍ قِيَاسٌ، وَيُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى بُطْنَانٍ، وَيُقَالُ: بَطَنَ الْأَمْرُ يَبْطُنُ، إِذَا خَفِيَ. وَبَطُنَ الرَّجُلُ، فَهُوَ بَطِينٌ: كَبُرَ بَطْنُهُ. وَالْبِطْنَةُ: امْتِلَاءُ الْبَطْنِ بِالطَّعَامِ. وَيُقَالُ: الْبِطْنَةُ تذهب الفطنة.

يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ: هَذَا ثَانِي نِدَاءٍ وَقَعَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِقَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، وَلَفْظُهُ عَامٌّ. قَالَ الْحَسَنُ: نَزَلَتْ فِي كُلِّ مَنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ عَلَيْهِ. وَرَوَى الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ وَغَيْرُهُمَا: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي ثَقِيفٍ وَخُزَاعَةَ وَبَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، قَالَهُ النَّقَّاشُ. وَقِيلَ: فِي ثَقِيفٍ وَخُزَاعَةَ وَعَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ. قِيلَ: وَبَنِي مُدْلِجٍ، حَرَّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ، وَحَرَّمُوا الْبَحِيرَةَ وَالسَّوَائِبَ وَالْوَصِيلَةَ وَالِحَامَ. فَإِنْ صَحَّ هَذَا، كَانَ السَّبَبُ خَاصًّا وَاللَّفْظُ عَامًّا، وَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ. وَمُنَاسَبَةُ هَذَا لِمَا قَبْلَهُ، أَنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ التَّوْحِيدَ وَدَلَائِلَهُ، وَمَا لِلتَّائِبِينَ وَالْعَاصِينَ، أَتْبَعَ ذَلِكَ بِذِكْرِ إِنْعَامِهِ عَلَى الْكَافِرِ وَالْمُؤْمِنِ، لِيَدُلَّ أَنَّ الْكُفْرَ لَا يُؤْثَرُ فِي قَطْعِ الْإِنْعَامِ. وَقَالَ الْمَرْوَزِيُّ: لَمَّا حَذَّرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ حَالِ مَنْ يَصِيرُ عَمَلُهُ عَلَيْهِ حَسْرَةً، أَمَرَهُمْ بِأَكْلِ الْحَلَالِ، لِأَنَّ مَدَارَ الطَّاعَةِ عَلَيْهِ. كُلُوا: أَمْرُ إِبَاحَةٍ وَتَسْوِيغٍ، لِأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُوجِدُ لِلْأَشْيَاءِ، فَهُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا عَلَى مَا يُرِيدُ.

مِمَّا فِي الْأَرْضِ، مِنْ: تَبْعِيضِيَّةٌ، وَمَا: مَوْصُولَةٌ، وَمِنْ: فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ، نَحْوَ:

أَكَلْتُ مِنَ الرَّغِيفِ، وحلالا: حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمُسْتَقِرِّ فِي الصِّلَةِ الْمُنْتَقَلِ مِنَ العامل فيها إليها. وَقَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: حَلَالًا: نَعْتٌ لِمَفْعُولِ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ شَيْئًا حَلَّالًا، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا بَعِيدٌ وَلَمْ يُبَيِّنَ وَجْهَ بُعْدِهِ، وَبُعْدُهُ أَنَّهُ مِمَّا حُذِفَ الْمَوْصُوفِ، وَصِفَتُهُ غَيْرُ خَاصَّةٍ، لِأَنَّ الْحَلَالَ يَتَّصِفُ بِهِ الْمَأْكُولُ وَغَيْرُ الْمَأْكُولِ. وَإِذَا كَانَتِ الصِّفَةُ هَكَذَا، لَمْ يَجُزْ حَذْفُ الْمَوْصُوفِ وَإِقَامَتُهَا مَقَامَهُ. وَأَجَازَ قَوْمٌ أَنْ يَنْتَصِبَ حَلَالًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِكُلُوا، وَبِهِ ابْتَدَأَ الزَّمَخْشَرِيُّ. وَيَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ مُتَعَلِّقَةً بِكُلُوا، أَوْ مُتَعَلِّقَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>