للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَرَابَتَهُ جَازَ ذَلِكَ وَأُمْضِيَ، كَانَ الْمُوصَى لَهُ غَنِيًّا، أَوْ فَقِيرًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا. وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ رِضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.

وَظَاهِرُ: كَتْبِ، وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ عَلَى مَنْ خَلَّفَ مَالًا، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ:

لَا تَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ عِنْدَهُ مَالٌ لِقَوْمٍ، فَأَمَّا مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَلَا وَدِيعَةَ عِنْدَهُ فَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَا تَجِبُ الْوَصِيَّةُ، وَاسْتُدِلَّ

بِقَوْلِ النَّخَعِيِّ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُوصِ، وَبِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ، فَعَلَّقَ بِإِرَادَةِ الْوَصِيَّةِ.

وَلَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَمَا عَلَّقَهَا بِإِرَادَتِهِ. وَالْمُوصَى لَهُ، إِنْ كَانَ وَارِثًا وَأَجَازَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ جَازَ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ. أَوْ قَاتِلًا عَمْدًا وَأَجَازَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ، جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا تَجُوزُ وَلَوْ أَوْصَى لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ بِمَالٍ، فَقَالَ: إِنْ أَجَازَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ وَإِلَّا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ أَجَازَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ وَإِلَّا كَانَ مِيرَاثًا. هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَعْمَرٌ: يُمْضَى فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

وَلَوْ أَوْصَى الأجنبي بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ، وَأَجَازَهُ الْوَرَثَةُ قَبْلَ الْمَوْتِ فَلَيْسَ لَهُمُ الرُّجُوعُ فِيهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَهِيَ جَائِزَةٌ عَلَيْهِمْ، قَالَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَزُفَرُ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ: إِنْ أَجَازُوا ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ حَتَّى يُجِيزُوهُ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَشُرَيْحٍ، وَإِبْرَاهِيمَ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: إِنِ اسْتَأْذَنَهُمْ فَأَذِنُوا فَكُلُّ وَارِثٍ بَائِنٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ، وَمَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ، أَوْ كَانَ مِنْ عَمٍّ وَابْنِ عَمٍّ، أَنْ يَقْطَعَ نَفَقَتَهُ عَنْهُمْ إِنْ صَحَّ، فَلَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا.

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ: إِنْ أَذِنُوا لَهُ فِي الصِّحَّةِ فَلَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا، أَوْ فِي الْمَرَضِ فَلَا. وَقَوْلُ اللَّيْثِ كَقَوْلِ مَالِكٍ، وَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُمْ إِذَا أَجَازُوهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا فِيهِ.

وروي عن طاووس وَعَطَاءٍ: إِنْ أَجَازُوهُ فِي الْحَيَاةِ جَازَ عَلَيْهِمْ، وَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ وَصِيَّةِ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَاخْتُلِفَ فِي الصَّبِيِّ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ. قَالَ الْمُزَنِيُّ: وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ: يَجُوزُ، وَالْقَوْلَانِ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>