للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ أَفْطَرَ مُسَافِرٌ ثُمَّ قَدِمَ مِنْ يَوْمِهِ، أَوْ حَائِضٌ ثُمَّ طَهُرَتْ فِي بَعْضِ النَّهَارِ، فَقَالَ جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَمَالِكٌ فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَأْكُلَانِ وَلَا يُمْسِكَانِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ: يُمْسِكَانِ بَقِيَّةَ يومهما. عَنْ مَا يُمْسِكُ عَنْهُ الصَّائِمُ.

وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ فِي الْمُسَافِرِ: يُمْسِكُ وَيَقْضِي، وَفِي الْحَائِضِ: إِنْ طَهُرَتْ تَأْكُلُ..

وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ: فَعِدَّةٌ، أَنَّهُ يَلْزَمُهُ عِدَّةُ مَا أَفْطَرَ فِيهِ، فَلَوْ كَانَ الشَّهْرُ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، قَضَى تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، وَذَهَبَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ إِلَى أَنَّهُ يَقْضِي شَهْرًا بِشَهْرٍ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ عَدَدِ الْأَيَّامِ. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَقْضِي بِالْأَهِلَّةِ، وَرُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ يَقْضِي شَهْرًا تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَإِنْ كَانَ رَمَضَانُ ثَلَاثِينَ، وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَخِلَافُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ: إِذَا كَانَ مَا أَفْطَرَ فِيهِ بَعْضَ رَمَضَانَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْعَدَدِ، فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَضَاءُ جَمِيعِهِ بِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ.

وَظَاهِرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ أنه لا يلزم التَّتَابُعُ، وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ،

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَمُجَاهِدٍ وَعُرْوَةَ: أَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ

، وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ مُتَتَابِعَاتٍ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ: أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الزَّمَانُ، بَلْ تُسْتَحَبُّ الْمُبَادَرَةُ إِلَى الْقَضَاءِ. وَقَالَ دَاوُدُ: يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ ثَانِيَ شَوَّالٍ، فَلَوْ لَمْ يَصُمْهُ ثُمَّ مَاتَ أَثِمَ، وَهُوَ مَحْجُوجٌ بِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَبِمَا ثَبَتَ

فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ، إِلَّا فِي شَعْبَانَ لِشُغْلٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّهُ: مَنْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ، أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِلَّا الْقَضَاءُ فَقَطْ عَنِ الْأَوَّلِ، وَيَصُومُ الثَّانِي. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَدَاوُدُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: يَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ مَعَ الْقَضَاءِ.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ الْقَاضِي رُوِيَ وُجُوبُ الْإِطْعَامِ عَنْ سِتَّةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ أَجِدْ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ مُخَالِفًا. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إِذَا فَرَّطَ فِي رَمَضَانَ الْأَوَّلِ، وَيُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِنْهُ مُدًّا مِنْ بُرٍّ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ الثَّانِيَ.

وَمَنْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ حَتَّى مَاتَ فَقَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ لَا فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَبُو

<<  <  ج: ص:  >  >>