انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا الْكَلَامُ فِي مَادَّةِ هَلَلَ، وَلَكِنْ أَعَدْنَا ذَلِكَ بِخُصُوصِيَّةِ لَفْظِ الْهِلَالِ بِالْأَشْيَاءِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا هُنَا.
مَواقِيتُ: جَمْعُ مِيقَاتٍ بِمَعْنَى الْوَقْتِ كَالْمِيعَادِ بِمَعْنَى الْوَعْدِ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ:
الْمِيقَاتُ مُنْتَهَى الْوَقْتِ، قَالَ تَعَالَى: فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً «١» .
ثَقِفَ الشَّيْءَ: إِذَا ظَفِرَ بِهِ وَوَجَدَهُ عَلَى جِهَةِ الْأَخْذِ وَالْغَلَبَةِ، وَمِنْهُ: رَجُلٌ ثَقِفٌ سَرِيعُ الْأَخْذِ لِأَقْرَانِهِ، وَمِنْهُ: فَإِمَّا تثقفهم فِي الْحَرْبِ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَإِمَّا تَثْقَفُونِي فَاقْتُلُونِي ... فَمَنْ أَثْقَفْ فَلَيْسَ إِلَى خُلُودِ
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ثَقِفْتُمُوهُمْ أَحْكَمْتُمْ غَلَبَتَهُمْ، يُقَالُ: رَجُلٌ ثَقِفٌ لَقِفٌ إِذَا كَانَ مُحْكِمًا لِمَا يَتَنَاوَلُهُ مِنَ الْأُمُورِ. انْتَهَى. وَيُقَالُ: ثَقِفَ الشَّيْءَ ثَقَافَةً إِذَا حَذَقَهُ، وَمِنْهُ أَخَذْتُ الثَّقَافَةَ بِالسَّيْفِ، والثقافة أَيْضًا حَدِيدَةٌ تَكُونُ لِلْقَوَّاسِ وَالرَّمَّاحِ يُقَوِّمُ بِهَا الْمُعْوَجَّ، وَثَقِفَ الشَّيْءَ: لَزِمَهُ، وَهُوَ ثَقِفٌ إِذَا كَانَ سَرِيعَ الْعِلْمِ، وَثَقِفْتُهُ: قَوَّمْتُهُ، وَمِنْهُ الرِّمَاحُ الْمُثَقَّفَةُ، أَيِ:
الْمُقَوَّمَةُ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
ذَكَرْتُكِ وَالْخَطِّيُّ يَخْطِرُ بَيْنَنَا ... وَقَدْ نَهِلَتْ مِنَّا الْمُثَقَّفَةُ السُّمْرُ
يَعْنِي الرِّمَاحَ الْمُقَوَّمَةَ.
التَّهْلُكَةِ. عَلَى وَزْنِ تَفْعُلَةٍ، مَصْدَرٌ لِهَلَكَ، وتفعلة مصدرا قَلِيلٌ، حَكَى سِيبَوَيْهِ مِنْهُ: التَّضُرَّةَ وَالتَّسُرَّةَ، وَمِثْلُهُ مِنَ الْأَعْيَانِ: التَّنْصُبَةُ، وَالتَّنْفُلَةُ، يُقَالُ: هَلَكَ هَلَكًا وَهَلَاكًا وَتَهْلُكَةً وَهَلْكَاءَ عَلَى وَزْنِ فَعْلَاءَ، وَمَفْعِلٌ مِنْ هَلَكَ جَاءَ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، وَكَذَلِكَ بِالتَّاءِ، هُوَ مُثَلَّثُ حَرَكَاتِ الْعَيْنِ، وَالضَّمُّ فِي مَهْلِكٍ نَادِرٌ، وَالْهَلَاكُ فِي ذِي الرُّوحِ: الْمَوْتُ، وَفِي غَيْرِهِ: الْفَنَاءُ وَالنَّفَادُ.
وَكَوْنُ التَّهْلُكَةِ مَصْدَرًا حَكَاهُ أَبُو عَلِيٍّ عن أبي عبيدة، وقلة غَيْرُهُ مِنَ النَّحْوِيِّينَ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: أَصْلُهَا التَّهْلِكَةُ كَالتَّجْرِبَةِ وَالتَّبْصِرَةِ وَنَحْوِهِمَا عَلَى أَنَّهَا مَصْدَرٌ مِنْ هَلَّكَ، يَعْنِي الْمُشَدَّدَ اللَّامِ، فَأُبْدِلَتْ مِنَ الْكَسْرَةِ ضَمَّةٌ، كَمَا جَاءَ الْجُوَارُ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ، لِأَنَّ فِيهَا حَمْلًا عَلَى شَاذٍّ، وَدَعْوَى إِبْدَالٍ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، أَمَّا الْحَمْلُ عَلَى الشَّاذِّ فَحَمْلُهُ عَلَى أَنَّ أَصْلَ تَفْعُلَةٍ ذَاتِ الضَّمِّ، عَلَى تَفْعِلَةٍ ذَاتِ الْكَسْرِ، وجعل
(١) سورة الأعراف: ٧/ ١٤٢. [.....]