بِكَثْرَةٍ، وَقِيلَ: الدَّفْعُ بِكَثْرَةٍ، وَيُقَالُ: رَجُلٌ فَيَّاضٌ أَيْ مُنْدَفِقٌ بِالْعَطَاءِ، وَقِيلَ: الِانْصِرَافُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: أَفَاضَ بِالْقِدَاحِ، وعلى القداح، وهي الْمَيْسِرِ، وَأَفَاضَ الْبَعِيرُ بِجِرَانِهِ.
عَرَفَاتٍ عَلَمٌ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي يَقِفُونَ عَلَيْهِ فِي الْحَجِّ، فَقِيلَ: لَيْسَ بِمُشْتَقٍّ، وَقِيلَ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْمَعْرِفَةِ، وَذَلِكَ سَبَبُ تَسْمِيَتِهِ بِهَذَا الِاسْمِ.
وَفِي تَعْيِينِ الْمَعْرِفَةِ أَقَاوِيلُ: فَقِيلَ: لِمَعْرِفَةِ إِبْرَاهِيمَ بِهَذِهِ الْبُقْعَةِ إِذْ كَانَتْ قَدْ نُعِتَتْ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ. وَقِيلَ: لِمَعْرِفَتِهِ بِهَاجَرَ وَإِسْمَاعِيلَ بِهَذِهِ الْبُقْعَةِ، وَكَانَتْ سَارَّةُ قَدْ أَخْرَجَتْ إِسْمَاعِيلَ فِي غَيْبَةِ إِبْرَاهِيمَ، فَانْطَلَقَ فِي طَلَبِهِ حِينَ فَقَدَهُ، فَوَجَدَهُ وَأَمَّهُ بِعَرَفَاتٍ، وَقِيلَ: لِمَعْرِفَتِهِ فِي لَيْلَةِ عَرَفَةَ أَنَّ الرُّؤْيَا الَّتِي رَآهَا لَيْلَةَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ بِذَبْحِ وَلَدِهِ كَانَتْ مِنَ اللَّهِ،
وَقِيلَ: لَمَّا أَتَى جِبْرِيلُ عَلَى آخِرِ الْمَشَاعِرِ فِي تَوْقِيفِهِ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهَا، قَالَ لَهُ: أَعَرَفْتَ؟ قَالَ: عَرَفْتُ، فَسُمِّيَتْ عَرَفَةَ
، وَقِيلَ: لِأَنَّ النَّاسَ يَتَعَارَفُونَ بِهَا، وَقِيلَ: لِتَعَارُفِ آدَمَ وَحَوَّاءَ بِهَا، لِأَنَّ هُبُوطَهُ كَانَ بِوَادِي سَرَنْدِيبَ، وَهُبُوطُهَا كَانَ بِجُدَّةَ، وَأَمَرَهُ اللَّهُ بِبِنَاءِ الْكَعْبَةِ، فَجَاءَ مُمْتَثِلًا، فَتَعَارَفَا بِهَذِهِ الْبُقْعَةِ.
وَقِيلَ: مِنَ الْعَرْفِ، وَهُوَ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ، وقيل: من العرف، وهو: الصَّبْرُ، وَقِيلَ:
الْعَرَبُ تُسَمِّي مَا عَلَا عَرَفَاتٍ وَعَرَفَةَ، وَمِنْهُ: عُرْفُ الدِّيكِ لِعُلُوِّهِ، وَعَرَفَاتٌ مُرْتَفِعٌ عَلَى جَمِيعِ جِبَالِ الْحِجَازِ، وَعَرَفَاتٌ وَإِنْ كَانَ اسْمَ جَبَلٍ فَهُوَ مُؤَنَّثٌ، حَكَى سِيبَوَيْهِ: هَذِهِ عَرَفَاتٌ مُبَارَكًا فِيهَا، وَهِيَ مُرَادِفَةٌ لِعَرَفَةَ، وَقِيلَ: إِنَّهَا جَمْعٌ، فَإِنْ عَنَى فِي الْأَصْلِ فَصَحِيحٌ وَإِنْ عَنَى حَالَةَ كَوْنِهَا عَلَمًا فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّ الْجَمْعِيَّةَ تُنَافِي الْعَلَمِيَّةَ.
وَقَالَ قَوْمٌ: عَرَفَةُ اسْمُ الْيَوْمِ، وَعَرَفَاتٌ اسْمُ الْبُقْعَةِ.
وَالتَّنْوِينُ فِي عَرَفَاتٍ وَنَحْوِهِ تَنْوِينُ مُقَابَلَةٍ، وَقِيلَ: تَنْوِينُ صَرْفٍ، وَاعْتَذَرَ عَنْ كَوْنِهِ مُنْصَرِفًا مَعَ التَّأْنِيثِ وَالْعَلَمِيَّةِ، بِأَنَّ التَّأْنِيثَ إِنَّمَا هِيَ مَعَ الْأَلِفِ الَّتِي قَبْلَهَا عَلَامَةُ جَمْعِ الْمُؤَنَّثِ، وَإِنْ كَانَ بِالتَّقْدِيرِ: كَسُعَادَ، فَلَا يَصِحُّ تَقْدِيرُهَا فِي عَرَفَاتٍ، لِأَنَّ هَذِهِ التَّاءَ لِاخْتِصَاصِهَا بِجَمْعِ الْمُؤَنَّثِ مَانِعَةٌ مِنْ تَقْدِيرِهَا كَمَا تُقَدَّرُ تَاءُ التَّأْنِيثِ فِي بِنْتٍ، لِأَنَّ التَّاءَ الَّتِي هِيَ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ لِاخْتِصَاصِهَا بِالْمُؤَنَّثِ كَتَاءِ التَّأْنِيثِ، فَأُنِّثَ تَقْدِيرُهَا. انْتَهَى هَذَا التَّعْلِيلُ وَأَكْثَرُهُ لِلزَّمَخْشَرِيِّ، وَأَجْرَاهُ فِي الْقُرْآنِ مَجْرَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ مِنْ إِبْقَاءِ التَّنْوِينِ فِي الْجَرِّ، وَيَجُوزُ حَذْفُهُ حَالَةَ التَّسْمِيَةِ، وَحَكَى الْكُوفِيُّونَ، وَالْأَخْفَشُ إِجْرَاءَ ذَلِكَ وَمَا أَشْبَهَهُ مَجْرَى فَاطِمَةَ، وَأَنْشَدُوا بَيْتَ امْرِئِ الْقَيْسِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute