مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ، يَكُونُ: فِي الْحَجِّ، خَبَرًا عَنِ الْجَمِيعِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ، إِلَّا الْعَطْفُ، عَطْفُ مُبْتَدَأٍ عَلَى مُبْتَدَأٍ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْأَخْفَشِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ: فِي الْحَجِّ، إِلَّا خَبَرًا لِلْمُبْتَدَأَيْنِ، أَوْ: لا، أو خبر للا، لِاخْتِلَافِ الْمُعْرَبِ فِي الْحَجِّ، يَطْلُبُهُ الْمُبْتَدَأُ أَوْ تَطْلُبُهُ لَا فَقْدَ اخْتَلَفَ الْمُعْرَبُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْهُمَا.
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ مَا نَصُّهُ: وَ: لَا، بِمَعْنَى لَيْسَ فِي قِرَاءَةِ الرَّفْعِ، وَخَبَرُهَا مَحْذُوفٌ عَلَى قِرَاءَةِ أَبِي عَمْرٍو، وَ: فِي الْحَجِّ، خَبَرُ: لَا جِدَالَ، وَحَذْفُ الْخَبَرِ هُنَا هُوَ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي عَلِيٍّ، وَقَدْ خُولِفَ فِي ذَلِكَ بَلْ: فِي الْحَجِّ، هُوَ خَبَرُ الْكُلِّ، إِذْ هُوَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ فِي الْوَجْهَيْنِ، لِأَنَّ: لَا، إِنَّمَا تَعْمَلُ عَلَى بَابِهَا فِيمَا يَلِيهَا، وَخَبَرُهَا مَرْفُوعٌ بِأَنَّ عَلَى حَالِهِ مِنْ خَبَرِ الِابْتِدَاءِ، وَظَنَّ أَبُو عَلِيٍّ أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ: لَيْسَ، فِي نَصْبِ الْخَبَرِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هِيَ وَالِاسْمُ فِي مَوْضِعِ الِابْتِدَاءِ يَطْلُبَانِ الْخَبَرَ، وَ: فِي الْحَجِّ، هُوَ الْخَبَرُ انْتَهَى كَلَامُهُ. وَفِيهِ مُنَاقَشَاتٌ.
الْأُولَى: قَوْلُهُ وَ: لَا، بِمَعْنَى: لَيْسَ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ كَوْنَ: لَا، بِمَعْنَى لَيْسَ هُوَ مِنَ الْقِلَّةِ فِي كَلَامِهِمْ بِحَيْثُ لَا تُبْنَى عَلَيْهِ الْقَوَاعِدُ، وَبَيَّنَّا أَنَّ ارْتِفَاعَ مِثْلِ هَذَا إِنَّمَا هُوَ عَلَى الِابْتِدَاءِ.
الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: وَخَبَرُهَا مَحْذُوفٌ عَلَى قِرَاءَةِ أَبِي عَمْرٍو، وَقَدْ نَصَّ النَّاسُ عَلَى أَنَّ خَبَرَ كَانَ وَأَخَوَاتِهَا وَمِنْهَا: لَيْسَ، لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ لَا اخْتِصَارًا، وَلَا اقْتِصَارًا، ثُمَّ ذَكَرُوا أَنَّهُ قَدْ حُذِفَ خَبَرُ لَيْسَ فِي الشِّعْرِ فِي قَوْلِهِ:
يَرْجُو جِوَارَكَ حِينَ لَيْسَ مُجِيرُ عَلَى طَرِيقِ الضَّرُورَةِ أَوِ النُّدُورِ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَلَا يُحْمَلُ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ.
الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ بَلْ: فِي الْحَجِّ، هُوَ خَبَرُ الْكُلِّ إِذْ هُوَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، يَعْنِي بِالْوَجْهَيْنِ: كَوْنِهَا بِمَعْنَى: لَيْسَ، وَكَوْنِهَا مَبْنِيَّةً مَعَ: لَا، وَهَذَا لَا يَصِحُّ، لِأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى لَيْسَ احْتَاجَتْ إِلَى خَبَرٍ مَنْصُوبٍ، وَإِذَا كَانَتْ مَبْنِيَّةً مَعَ لَا احْتَاجَتْ إِلَى أَنْ يَرْتَفِعَ الْخَبَرُ إِمَّا لِكَوْنِهَا هِيَ الْعَامِلَةَ فِيهِ الرَّفْعَ عَلَى مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ، وَإِمَّا لِكَوْنِهَا مَعَ مَعْمُولِهَا فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ فَيَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِلْمُبْتَدَأِ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ، عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute