حَرْفٌ بَسِيطٌ، لِأَنَّ دَعْوَى التَّرْكِيبِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، وَلِأَنَّ مَا زَعَمُوا مِنْ أَنَّ هَمْزَةَ الِاسْتِفْهَامِ دَخَلَتْ عَلَى لَا النَّافِيَةِ دَلَالَةً عَلَى تَحَقُّقِ مَا بَعْدَهَا، إِلَى آخِرِهِ خَطَأٌ، لِأَنَّ مَوَاقِعَ أَلَا تَدُلَّ عَلَى أَنَّ لَا لَيْسَتْ لِلنَّفْيِ، فَيَتِمُّ مَا ادَّعَوْهُ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ: أَلَا إِنَّ زَيْدًا مُنْطَلِقٌ، لَيْسَ أَصْلُهُ لَا أَنَّ زَيْدًا مُنْطَلِقٌ، إِذْ لَيْسَ مِنْ تَرَاكِيبِ الْعَرَبِ بِخِلَافِ مَا نُظِرَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:
أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ «١» ، لِصِحَّةِ تَرْكِيبِ، لَيْسَ زَيْدٌ بِقَادِرٍ، وَلِوُجُودِهَا قَبْلَ رُبَّ وَقَبْلَ لَيْتَ وَقَبْلَ النِّدَاءِ وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا يُعْقَلُ فِيهِ أَنَّ لَا نَافِيَةٌ، فَتَكُونُ الْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ دَخَلَتْ عَلَى لَا النَّافِيَةِ فَأَفَادَتِ التَّحْقِيقَ، قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَلَا رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِحٌ ... وَلَا سِيَّمَا يَوْمٍ بِدَارَةِ جُلْجُلِ
وَقَالَ الْآخَرُ:
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ حَادِثُ وَصْلِهَا ... وَكَيْفَ تُرَاعِي وَصْلَةَ الْمُتَغَيِّبِ
أَلَا يَا لِقَوْمِي لِلْخَيَالِ الْمُشَوِّقِ ... وَلِلدَّارِ تَنْأَى بِالْحَبِيبِ وَنَلْتَقِي
أَلَا يَا قَيْسُ وَالضَّحَّاكُ سِيرَا ... فَقَدْ جَاوَزْتُمَا خَمْرَ الطَّرِيقِ
إِلَى غَيْرِ هَذَا مِمَّا لَا يَصْلُحُ دُخُولُ لَا فِيهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: لَا تَكَادُ تَقَعُ الْجُمْلَةُ بَعْدَهَا إِلَّا مُصَدَّرَةً بِنَحْوِ مَا يَلْتَقِي بِهِ الْقَسَمُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْجُمْلَةَ بَعْدَهَا تُسْتَفْتَحُ، بِرُبَّ، وَبِلَيْتَ، وَبِفِعْلِ الْأَمْرِ، وَبِالنِّدَاءِ، وَبِحَبَّذَا، فِي قَوْلِهِ:
أَلَا حَبَّذَا هِنْدٌ وَأَرْضٌ بِهَا هِنْدُ وَلَا يَلْتَقِي بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْقَسَمُ وَعَلَامَةُ أَلَا هَذِهِ الَّتِي هِيَ تَنْبِيهٌ وَاسْتِفْتَاحٌ صِحَّةُ الْكَلَامِ دُونَهَا، وَتَكُونُ أَيْضًا حَرْفَ عَرْضٍ فَيَلِيهَا الْفِعْلُ، وَإِنْ وَلِيَهَا الِاسْمُ فَعَلَى إِضْمَارِ الْفِعْلِ، وَحَرْفِ جَوَابٍ بِقَوْلِ الْقَائِلِ: أَلَمْ تَقُمْ فَتَقُولُ: أَلَا بِمَعْنَى بَلَى؟ نَقَلَ ذَلِكَ صَاحِبُ كِتَابِ (وَصْفِ الْمَبَانِي فِي حُرُوفِ الْمَعَانِي) قَالَ: وَهُوَ قَلِيلٌ شَاذٌّ، وَأَمَّا أَلَا الَّتِي لِلتَّمَنِّي فِي قَوْلِهِمْ:
أَلَا مَاءً، فَذَكَرَهَا النُّحَاةُ فِي فَصْلِ لَا الدَّاخِلِ عَلَيْهَا الْهَمْزَةُ. لَكِنْ: حَرْفُ اسْتِدْرَاكٍ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا قَبْلَهَا مُوَافِقًا لِمَا بَعْدَهَا، فَإِنْ كَانَ نَقِيضًا أَوْ ضِدًّا جَازَ، أَوْ خلافا ففي الجواز
(١) سورة القيامة: ٧٥/ ٤٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute