للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْيَوْمَيْنِ شَيْءٌ فَسَائِغٌ لَهُ النَّفْرُ فِيهِ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَيُمْكِنُ أَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ اسْتِحْبَابًا.

وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَمَنْ تَعَجَّلَ، سُقُوطُ الرَّمْيِ عَنْهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، فَلَا يَرْمِي جَمَرَاتِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ فِي يَوْمِ نَفْرِهِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينٍ: يَرْمِيهَا فِي يَوْمِ النَّفْرِ الْأَوَّلِ حِينَ يُرِيدُ التَّعَجُّلَ. قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ:

يَرْمِي الْمُتَعَجِّلُ فِي يَوْمَيْنِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ حَصَاةً كُلُّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فَيَصِيرُ جَمِيعُ رَمْيِهِ بِتِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ حَصَاةً، يَعْنِي: لِأَنَّهُ قَدْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِسَبْعٍ يَوْمَ النَّحْرِ. قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ:

وَيَسْقُطُ رَمْيُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ.

وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ إِلَى آخِرِهِ. مَشْرُوعِيَّةُ الْمَبِيتِ بِمِنًى أَيَّامَ التَّشْرِيقِ. لِأَنَّ التَّعَجُّلَ وَالتَّأَخُّرَ إِنَّمَا هُوَ فِي النَّفْرِ مِنْ مِنًى، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنَ الْحُجَّاجِ أَنْ يَبِيتَ إِلَّا بِهَا إِلَّا لِلرِّعَاءِ، وَمَنْ وَلِيَ السِّقَايَةَ مِنْ آلِ الْعَبَّاسِ، فَمَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ مِنْ غَيْرِهِمَا لَيْلَةً مِنْ لَيَالِي مِنًى، فَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: عَلَيْهِ دَمٌ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ فِي الثَّلَاثِ اللَّيَالِي، فَإِنْ تَرَكَ مَبِيتَ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَلْزَمُهُ ثُلُثُ دَمٍ، أَوْ مُدٌّ أَوْ دِرْهَمٌ، ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، وَلَمْ تَتَعَرَّضِ الْآيَةُ لِلرَّمْيِ، لَا حُكْمًا، وَلَا وَقْتًا، وَلَا عَدَدًا، وَلَا مَكَانًا لِشُهْرَتِهِ عِنْدَهُمْ. وَتُؤْخَذُ أَحْكَامُهُ مِنَ السُّنَّةِ.

وَقِيلَ: فِي قَوْلِهِ: وَاذْكُرُوا اللَّهَ، تَنْبِيهٌ عَلَيْهِ، إِذْ مِنْ سُنَّتِهِ التَّكْبِيرُ عَلَى كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا، فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ.

وَقَرَأَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، بِوَصْلِ الْأَلِفِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ سَهَّلَ الْهَمْزَةَ بَيْنَ بَيْنَ، فَقَرُبَتْ بِذَلِكَ مِنْ السُّكُونِ فَحَذَفَهَا تَشْبِيهًا بِالْأَلِفِ، ثُمَّ حَذَفَ الْأَلِفَ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ التَّاءِ، وَهَذَا جَوَابُ الشَّرْطِ إِنْ جَعَلْنَا: مَنْ، شَرْطِيَّةً، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنْ جَعَلْنَاهَا مَوْصُولَةً كَانَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ، وَظَاهِرُهُ نَفْيُ الْإِثْمِ عَنْهُ، فَفُسِّرَ بِأَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ،

وَكَذَلِكَ مَنْ تَأَخَّرَ مَغْفُورٌ لَهُ لَا ذَنْبَ عَلَيْهِ، رُوِيَ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ

، وَأَبِي ذَرٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَمُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ: خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ مَا يُؤَيِّدُ هَذَا الْقَوْلَ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمَعْنَى مَنْ تَعَجَّلَ أَوْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِلَى الْعَامِ الْقَابِلِ.

وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمَعْنَى: فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي التَّعْجِيلِ وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي التَّأْخِيرِ، لِأَنَّ الْجَزَاءَ مُرَتَّبٌ عَلَى الشَّرْطِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا حَرَجَ عَلَى مَنْ تَعَجَّلَ وَلَا عَلَى مَنْ تَأَخَّرَ، وَقَالَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>