للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر الثاني: أنَّه قد علم بهذا الفرض.

فإذا اجتمع هذان الأمران ولم يفعل هذا الفرض فكلُّ من اجتمع فيه هذان الأمران فهو آثِمٌ، فلو أنَّ رجلًا من المسلمين لم يُغسَّل وعَلِم به رجال وهم قادرون على تغسيله ولم يُغسِّلوه فهم آثمون، بخلاف من لم يعلم به، أو من علم به وهو عاجز غير قادر.

قَوْلُهُ: «وإذا تزاحمت مصلحتان قُدِّم أعلاهُما».

والمراد بقوله: «تزاحمت»، أي: تعارَضَت، فلا بُدَّ من العمل بأحد المصلحتين، ولا يمكن الجمع بينهما، فعند التعارض تُقَدَّم المصلحةُ الكبرى والأعلى وتُتْرك المصلحة الصُّغرى والأقل.

ومن أمثلة ذلك: أنَّ الجهاد المستحب يُترك لحاجة الوالدين، أخرج الشيخان عن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أنَّ رجلًا استأذن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الجهاد، فقال: «أَحيٌّ والدك؟» قال: نعم، قال: «ففيهما فجاهد» (١).

فمصلحة بِرِّه بوالديه بالنسبة إليه أكبر من مصلحة الجهاد؛ لأنَّ غيره يقوم به.

قَوْلُهُ: «أو مفسدتان لا بُدَّ من فعل إحداهما ارْتُكِب أخفُّهما مفسدة».

هذه المسألة كالمسألة السَّابقة، لكنَّها عند الاضطِّرار لفعل أحد المفسدتين فإنَّه يُفعل المفسدة الصغرى ويُترك المفسدة الكبرى.


(١) أخرجه البخاري (٣٠٠٤)، ومسلم (٢٥٤٩).

<<  <   >  >>