ذكر هذا المثال الإمام أحمد، ونقله ابن القيم في بدائع الفوائد وأقرَّه، وذكره ابن تيمية في شرح العمدة.
قَوْلُهُ:«والمجمل والمشتبه يحمل على المحكم الواضح المبين في موضع آخر، ويجب العمل بالظاهر».
ذكر المصنف المُجْمَل والظاهر، والمجمل والظاهر يجتمعان في شيءٍ، ويفترقان في شيءٍ: يجتمعان في أنَّهما يحتملان أكثر من معنى، ويفترقان في أنَّ معنى المجمل يُعرَف بمرجِّحٍ خارجي، أما معنى الظاهر يُعرَف بنفسه وذاته.
ومن أمثلة المجمل: قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}] البقرة: ٢٢٨ [، قال الإمام أحمد: ذهب كبار الصحابة إلى أن المراد بـ «القرء»: الحيض، وقد ثبت هذا عن عمر - رضي الله عنه -، فعرِف معنى القرء بمرجح خارجي، وهو قول عمر، وهو الخليفة الراشد، فلفظ «القروء» مجملٌ، وفتوى عمر مبيِّنٌ.
ومثال الظاهر: قال تعالى في ذكر أصناف الزكاة: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ}] التوبة: ٦٠ [، فقوله:{وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}، فيه قولان للأولين:
القول الأول: أنَّه الجهاد.
الثاني: أنَّه الجهاد والحج.
وفي المسألة قولٌ ثالثٌ محدَثٌ، وهو أنَّه في كلِّ أبواب البر والخير.