للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذن: قبل بحث أي مسألة فإنَّ احتمال أن تكون إجماعية أو خلافية احتمالٌ متساوٍ على أقلِّ تقدير، فإذا حكى عالم ذو استقراء إجماعًا فقد غلَّب كفة أنَّها إجماعية ولو بأدنى غلبة الظن؛ فإنَّ أدنى غلبة الظن حُجَّة، فكيف إذا حكى ذلك أكثر من عالم، فإنَّ الظنَّ يزداد بصِحَّة هذا الإجماع، فإذن إذا حكى الإجماع النَّووي أو ابن قدامة أو ابن عبدالبر أو الطحاوي، ومن باب أولى أحمد والشافعي والمروزي فإنَّ حكايتهم للإجماع حجة، ولا يُسقط هذا الدليل إلا بعد إثبات أنَّه مخروم بأن يُثبت الخلاف من عالم في وقت الإجماع، وممَّا يُؤكِّدُ هذا من وجه آخر أنَّه لا يصحُّ لأحد أن يقول في مسألة بقول إلَّا وله سلف، ولا يكفي الاعتماد على ظاهر النص، بل لابد من السلف؛ لأنَّنا مأمورون باتباع سبيل المؤمنين، فمن بدا له ظاهر نص ورأى العلماء على خلاف ما بدا له، فلا يصح له أن يعمل بما بدا له؛ لأنَّه محتاج إلى سلف، والسَّلف على خلاف هذا، فيجب أن يترك ما بدا له إلى قول السلف، وإنَّ القول بحجية مذهب السلف وفهم السلف هو صورة من صور الإجماع، فمن التناقض أن يقال: إنَّ فهم السلف حجة والإجماع ليس حجة، أو أن يُعتدَّ بإجماعٍ في المسائل العقدية دون الفقهية.

قَوْلُهُ: «إجماع الأمَّة على حكم شرعي حجَّةٌ قاطعة».

كأنَّ المصنِّف - رحمه الله - يتكلَّم عن الإجماع القطعيّ دون الظنِّي، وإلَّا فإنَّ الإجماع الظني ليس بحجة قاطعة، بل حُجَّة ظنيَّة.

<<  <   >  >>