للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد دلَّت الأدلة على حجية مذهب الصحابي, ومن هذه الأدلة:

الدليل الأول: كلُّ دليل يدلُّ على حجة الإجماع، وقد تقدَّم.

الدليل الثاني: أدلة خاصة تدلُّ على مزيَّة مذهب الصحابي:

منها: ما أخرجه مسلم (٢٥٣١) عن أبي موسى - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

«النُّجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمَّتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمَّتي ما يوعدون».

قال ابن القيم: «ووجه الاستدلال بالحديث أنَّه جعل نسبة أصحابه إلى من بعدهم كنسبته إلى أصحابه، وكنسبة النُّجوم إلى السماء، ومن المعلوم أنَّ هذا التشبيه يُعطي من وجوب اهتداء الأمة بهم ما هو نظير اهتدائهم بنبيهم - صلى الله عليه وسلم -، ونظير اهتداء أهل الأرض بالنجوم، وأيضًا فإِنَّه جعل بقاءهم بين الأمة أمنة لهم، وحرزًا من الشر وأسبابه، فلو جاز أن يخطئوا فيما أفتوا به ويظفر به من بعدهم لكان الظافرون بالحق أمنة للصحابة وحرزًا لهم، وهذا من المحال» (١).

الدليل الثالث: قال ابن القيم: «إنَّ بيننا وبين الصحابة مدارك، منها ما اشتركنا نحن وإياهم فيها، ومنها ما انفصلوا بها عنا، وما اشتركنا نحن وإياهم فيها فقد فاقونا بمراحل، فأحدنا يحتاج وقتًا ليتعلم اللغة، فإذا تعلم ذلك أخذ


(١) إعلام الموقعين (٤/ ١٠٤ - ١٠٥).

<<  <   >  >>