للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما تقدَّم يُعرف أهمِّية الإجماع؛ لذا حاول أهل البدع إسقاطه، فأوَّل من خالف في حجيته النَّظَّام المعتزلي، وذكر هذا ابن قدامة (١) وغيره.

ومن أهلِ البدع من لم يستطِع إسقاط الإجماع لكن جعلوا وقوعه كالمستحيل فقالوا: الحجَّة في الإجماع المنطوق دون المسكوت، ومعنى المنطوق: أن ينطق كلُّ عالم، ومعنى المسكوت: أن يتكلَّم طائفة من العلماء ولا ينكر عليهم الأخرون، ولازم هذا التأصيل أنه لا إجماع، لذا ذكر ابن قدامة أنَّه لا يُستطاع إثبات وجوب الصلاة عن كل فرد من أهل بدر فضلًا عن غيرهم، فإذا لم يستطع إثبات وجوب الصلاة عن أهل بدر فغيرها من الأحكام عن باقي العلماء من باب أولى، لذا تقسيم الإجماع إلى منطوق ومسكوت، والقول بأنَّ الإجماع السكوتي ليس حجَّة إنَّما قاله المتكلِّمون ومن تأثَّر بهم، ومن نسبه إلى الشافعي فقد أخطأ، كما بين هذا العلائي وأشار لهذا النَّووي، وقد أخطأ من ظنَّ أن الإمام أحمد لا يرى حجية الإجماع، مستندًا إلى قوله لابنه عبدالله: من ادَّعى الاجماع فهو كاذب، وما يدريه لعل النَّاس اختلفوا، هذه دعوى بِشر والأصَمّ.

وقائل هذا مُخطئ؛ لأنَّ هذا يدلُّ على أنَّ الإمام أحمد لا يرى حُجِّية الإجماع.

والجواب عن هذا من وجيهن:

الوجه الأول: أنَّ الإمام أحمد قد حكى الإجماع في مسائل كثيرة:


(١) روضة الناظر (١/ ٢٨٨ - ٢٨٩).

<<  <   >  >>