للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُشَوَّشًا غير حاضِر القلب والفكر، فإنَّه يُعَمَّم في كلِّ من كان كذلك، كالجائع فلا يقضي القاضي وهو جائع.

وبهذا يُعرف أنَّ العموم نوعان:

النوع الأول: العموم اللَّفظي، وهو العموم المعروف، وله صيغه المعروفة كالنَّكرة في سِياق الشَّرط.

النوع الثاني: العموم المعنوي, وهو ما تقدم بيانه، وهو القياس الصَّحيح.

قَوْلُهُ: «كما أنَّ اللَّفظ العام يُخَصَّص إذا علم خصوص علَّته».

والمراد بهذا أنَّ اللَّفظ يكون عامًا بأَلفاظِ العموم المعروفة، ومع ذلك يُخَصَّص ولا يَبْقى على عُمومه؛ وذلك لأنَّ علَّته تفيد التَّخصيص، وذلك مثل حديث: «لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان» , فإنَّ ظاهره لفظًا أنَّه عام في كلِّ غضب ولو كان غير مشوش للفكر، لكن بالنَّظر إلى المعنى والعلَّة يُخَصَّص بمن كان غَضَبه مشوشًا للفكر.

ومثل ذلك ما أخرج مسلم (٥٦٠) عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا صلاة بحضرة طعام ولا هو يدافعه الأخبثان»، بالنَّظر إلى اللَّفظ فإنَّه يفيد العموم في كل طعام حاضر، سواء اشتهاه صاحبه أم لم يشتهه؛ وذلك للعلة، فإنَّ العلَّة خَصَّصت الحكم بمن كان قلبُه متعلقًا بالطَّعام، فمن هنا يتبيَّن أنَّ المعاني مقدَّمة على الألفاظ عند التعارض؛ لأنَّ

<<  <   >  >>