للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك ما أخرجه أحمد والنسائي عن عائشة، قال النَّبي - صلى الله عليه وسلم -: «السِّواك مطهرةٌ للفم» (١). لكن أكثر ما يطلق على المعنين الأولين، ويترتب على هذا بيان خطأ قول المالكية: أنَّ لعاب الكلب طاهرٌ، وحملوا حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في مسلم (٢٧٩): «طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب ... إلخ» على التطهير بمعنى التنظيف، لا بمعنى إزالة النجاسة.

والردُّ عليهم أن يقال: إنَّ حمل التطهير بما يقابل النجاسة هو الظاهر؛ لأنَّه أكثر استعمالًا، بخلاف حمله على معنى التنظيف.

تنبيه:

كان السَّلف - رحمهم الله - يُجمِلون ويُطلِقون لفظ المجمل على العام، والمطلق، والظاهر، والمجمل بمعناه الخاص عند الأصوليين، كما كان يفعل ذلك أحمد، وإسحاق، وأبو عبيد وغيرهم، ذكر هذا ابن تيمية في كتابه الإيمان الكبير (٢).

أمَّا المتأخرون فاستقرَّ اصطلاحهم على ما تقدَّم ذكره من الاصطلاحات، وهذا التفريق مهمٌّ؛ لأنَّه تترتب عليه مسائل، لكن الأولين لمَّا كانوا أكثر علما، وأفهم بالمعاني ما احتاجوا إلى هذا، بخلاف المتأخرين، لما قَلَّ علمهم وفهمهم، كانوا في حاجةٍ ماسَّةٍ لهذا - والله أعلم -.


(١) مسند أحمد (٤١/ ٤٠٥ طبعة الرسالة)، وسنن النسائي (٥).
(٢) مجموع الفتاوى (٧/ ٣٩١ - ٣٩٢).

<<  <   >  >>