للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمَّا الأدِلَّة على أنَّه لا يأتي بشيء فحديثُ المسيء في صلاته، فقد أخرج الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد، فدخل رجلٌ فصلَّى، ثُمَّ جاء فسلَّم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فردَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السلام وقال:

«ارجع فصلِّ فإنَّك لم تصلِّ»، فرجع الرجل فصلَّى كما كان قد صلَّى، ثم جاء إلى النَّبي - صلى الله عليه وسلم - فسلَّم عليه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وعليك السلام»، ثُمَّ قال: «ارجع فصلِّ فإنَّك لم تصلِّ»، حتى فعل ذلك ثلاث مرات. فقال الرجل: والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا علِّمني ... الحديث (١) وبعد ذلك علَّمه الرسول الصلاة ولم يأمره بالإعادة.

وجه الدَّلالة: أنَّه كان يظنُّه عالمًا مفرِّطًا فأمره بالإعادة، لكن لما تبيَّن له أنَّه جاهل لم يأمره بالإعادة، فدلَّ هذا على أنَّ الجاهل معذور في ترك المأمور.

ولو لم يظنُّه مفرِّطًا لما أمره بالإعادة؛ لأنَّه جاهل سيصلِّي صلاة غير شرعية ولو عادها كثيرًا بما أنَّه لم يُعلَّم.

أخرج الشيخان عن عائشة - رضي الله عنها - في قصة فاطمة بنت أبي حبيش - رضي الله عنها - أنَّها جاءت إلى النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله، إنِّي امرأة أُستَحاض فلا أطهر. أفأدع الصلاة؟ فقال: «لا، إنَّما ذلك عِرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدَّم وصلِّي» (٢).


(١) أخرجه البخاري (٧٥٧)، ومسلم (٣٩٧).
(٢) أخرجه البخاري (٢٢٨)، ومسلم (٣٣٣).

<<  <   >  >>