ثم بأصول الفقه، ثم بما يستعمل من الأدب، ثم أتبعه ببعض اصطلاحات في
المذهب، ثم استوصل في الفقه على نمط وجيز، ثم ختمه بقواعد كلية، يترتب عليها مسائل جزئية.
لكن ما ذكره من الفنون في صدره لا يفيد إلا فائدة قليلة جدًّا، وسلك في الفقه مسلكًا غريبًا، فقال في أول كتابه: " كتبت فيه القول المختار، وأشير إلى المسألة المجمَع عليها بأن أجعل حكمها اسم فاعل أو مفعول، ومع ذلك (ع) ، وما اتفق عليه الأئمة
الأربعة بصيغة المضارع، وربما وقع ذلك لنا فيما اتفق فيه أبو حنيفة والشافعي في بعض مسائل لم نعلم فيها مذهب الإمام مالك، أو له فيها، أو في مذهبه ثَمَّ قول غير
المشهور، فإن كان لا خلاف عندنا في المسألة ف (الباء) .
وإن كان فيه خلاف عندنا في (التاء) ، ووفاق الشافعي فقط ب (الهمز) ، وأبي حنيفة فقط ب (النون) ، ولا أكرر فيه مسألة في علم واحد إلا لزيادة فائدة، ولا يمتنع تكرارها في علمين، لأن كل علم تجري فيه على أصله، فربما اختلف حكمها في العلمين وربما اتفق.
هذا كلامه.
المغني - مختصر الخرقي: اشتهر في مذهب الإمام أحمد عند المتقدمين والمتوسطين مختصر الخرقي، ولم يُخْدَم كتاب في المذهب مثل هذا المختصر، ولا اعتني بكتاب مثل ما اعتني به، حتى قال العلامة يوسف بن عبد الهادي في كتابه " الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي ": قال شيخنا عز الدين المصري: ضبطت للخرقي ثلاثمائة شرح.
وقد اطلعنا له على ما يقرب من عشرين شرحًا، وسمعت من شيوخنا وغيرهم: أن من قرأه حصل له أحد ثلاث خصال: إما أن يملك مائة دينار، أو يلي القضاء، أو يصير صالحًا ".
هذا كلامه.
وقال في المقصد الأرشد: قال أبو إسحاق البرمكي: عدد مسائل الخرقي ألفان وثلاثمائة مسألة، فما ظنك بكتاب ولع مثل أبي إسحاق في عد مسائله، وما ذلك إلا لمزيد الاعتناء به.
وكتب أبو بكر عبد العزيز على نسخته: " مختصر الخرقي: خالفني الخرقي في
مختصره في ستين مسألة "، ولم يسمها، وقد تتبعها بعضهم فوجدها ثمان وتسعين مسألة.. انتهى.
وبالجملة: فهو مختصر بديع لم يشتهر متن عند المتقدمين اشتهاره.