المقدسي، فإنه شرحه شرحًا وافيًا سماه بالشافي، وقال في خطبته:"اعتمدت في جمعه على كتاب المغني، وذكرت فيه من غيره ما لم أجده فيه من: الفروع، والوجوه، والروايات، ولم أترك من كتاب المغني إلا شيئًا يسيرًا من الأدلة، وعزوت من الأحاديث ما لم يعز مما أمكنني عزوه" هذا كلامه.
وبالجملة: فطريقته فيه: أنه يذكر المسألة من المقنع فيجعلها كالترجمة، ثم يذكر مذهب الموافق فيها، والمخالف لها، ويذكر ما لكل من دليله، ثم يستدل، ويعلل للمختار، ويزيف دليل المخالف، فمسلكه مسلك الاجتهاد إلا أنه اجتهاد مقيَّد في مذهب أحمد.
ثم شرحه: القاضي برهان الدين بن محمد الأكمل بن عبد اللَّه بن محمد بن
مفلح، المتوفى سنة أربع وثمانين وثمانمائة، مَزَج المق بالشرح، ولم يتعرض فيه
لمذاهب المخالفين إلا نادرًا، ومال فيه إلى التحقيق، وضم الفروع، سالكًا مسلك المجتهدين في المذهب، فهو أنفع شروح المقنع للمتوسطين.
وعلى طريقته سرى شارح الإقناع، ومنه يستمد.
ورأيت من شروحه أيضا:" الممتع شرح المقنع " لسيف الدين أبي البركات ابن المنجا، قال في خطبته:" أحببت أن أشرح المقنع، وأبين مراده، وأوضحه، وأذكر دليل كل حكم وأصححه ".
وطريقئه: أنه يذكر المسألة من المغني، ويبين دليلها، ويحقق المسائل والروايات، ولم يتعرض لغير مذهب الإمام.
ثم لما انحطت الهمم عن طلب الدليل، وغاص نهر الاثشغال بالخلاف، وأكب
الناس على التقليد البحت، وكادت كتب المتقدمين ومسالكهم أن تذهب أدراج الرياح -: انتصب لنصرة هذا المذهب، وضم شمله العلامة الفاضل القاضي علاء الدين علي بن سليمان السعدي المرداوي، ثم الصالحي، فوجد أهل زمنه قد أكبوا على المقنع، فألف عليه شبه شرح سماه ب:" الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف "
(وهو مطبوع) ، وطريقته فيه أنه يذكر في المسألة أقوال الأصحاب، ثم يجعل المختار ما قاله الأكثر منهم، سالكًا في ذلك مسلك ابن قاضي عجلون في تصحيحه لمنهاج النووي وغيره من كتب التصحيح، فصار كتابًا مغنيًا للمقلد عن سائر كتب المذهب، ثم اقتضب منه كتابه المسمى ب:" التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع "، فصحح فيه