وعَدَّدَ رجالا - فقوم اجتهدوا، فأجتهد كما اجتهدوا ".
٣ - ويقول الموفق المكي: " وكلامُ أبي حنيفة أخذٌ بالثقة، وفرار من القبح، والنظر في معاملات الناس، وما استقاموا عليه، وصلحت عليه أمورهم، يمضي الأمور على القياس، فإذا قبح القياس يمضيها على الاستحسان، ما دام يمضي له، فإذا لم يمض له رجع إلى ما يتعامل المسلمون به، وكان يوصل الحديث المعروف الذي قد أجمع عليه،
ثم يقيس عليه ما دام القياس سائغًا، ثم يرجع إلى الاستحسان، أيهما كان أوفق رجع إليه....
قال: كان أبو حنيفة شديد الفحص عن الناسخ من الحديث والمنسوخ، فيعمل بالحديث إذا ثبت عنده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أصحابه، وكان عارفا بحديث أهل الكوفة،
شديد الاتباع لما كان عليه ببلده ".
٤ - وعلى ذلك تكون الأدلة الفقهية عند أبي حنيفة سبعة: الكتاب، والسنة، وأقوال الصحابة، والإجماع، والقياس، والاستحسان، والعرف.
٥ - وفقهاء الرأي، وعلى رأسهم أبو حنيفة يرون أن السنة مبينة للكتاب إن احتاج إلى بيان، وإن كانت الحاجة إلى بيان في نظرهم أقل من الحاجة في نظر فقهاء الأثر.
٦ - والحنفية يفرقون بين أمر ثابت بالقرآن إذا كانت الدلالة قطعية، وأمر ثابت بالسنة الظنية، والثابت بالقرآن من الأوامر فرض، والثابت بالسنة الظنية من الأوامر واجب، وكذلك المنهي عنه في القرآن حرام، إذا لم يكن ثمة ظن في الدلالة، والثابت بالسنة الظنية مكروه كراهة تحريمية مهما تكن الدلالة، وذلك لتأخر رتبة السنة الظنية عن القرآن الكريم من حيث الثبوت من جهة، والاستدلال بها على الأحكام من
جهة أخرى.
٧ - ولا يعني هذا مخالفة الإمام للسنة - كما اتهمه بها منتقصوه، وهو بريء من ذلك - وقد كان يقول: " ما جاء عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فعلى الرأس والعين بأبي وأمي، وليس لنا مخالفته، وما جاء عن الصحابة تخيرنا، وما جاء عن غيرهم فهم رجال ونحن رجال ".
٨ - ومن أصول الإمام المقررة: أن القياس مؤخر عن النص، وقد توهم مخالفوه أنه