للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنه تحكمات باردة، وخيالات فارغة، وكلمات لا روح لها، وألفاظ غير محصلة المعنى، ولا سلف له في هذه الدعوى، وإن تابعه عليها من جاء عقبه، من غير دليل يتمسك به، ومهما تسامحنا معهم في عد الفقهاء والمتفقهة على هذه المراتب السبع - وهو غير مسلم لهم -: لا نسلم الخطأ الفاحش الذي وقع في تعيين رجال الطبقات، وترتيبهم على هذه الدرجات.

فما معنى قوله: إن أبا يوسف، ومحمدًا، وزفر، وإن خالفوا الإمام أبا حنيفة في بعض الأحكام: يقلدونه في قواعد الأصول.

فما الذي يريد من الأصول التي يقلدون فيها؟.

فإن أراد منها الأحكام الكلية التي يبحث عنها في كتب أصول الفقه: فهي قواعد عقلية، وضوابط برهانية، يعرفها الإنسان من حيث إنه ذو عقل، وصاحب فكر ونظر صحيح، سواء كان مجتهدًا، أو غير مجتهد، فلا تعلق لها بكون الإنسان مجتهدًا أم لا، ولا معنى لأن هؤلاء الأئمة يقلدون أبا حنيفة فيها وشأنهم أرفع وأجل من أن يقلدوا فيها أحدًا.

ولا شك أن مرتبتهم في الفقه كمراتب سائر المجتهدين الذين في عصرهم، ومن بعدهم.

قال الخطيب البغدادي: قال طلحة بن محمد بن جعفر: " أبو يوسف مشهور

الأمر، ظاهر الفضل، وأفقه أهل عصره، ولم يتقدمه أحد في زمانه، وكان على النهاية في العلم، والحكم، والرئاسة، والقدرة، وهو أول من وضع الكتب في أصول الفقه على مذهب أبي حنيفة، وأملى المسائل، ونشرها في أقطار الأرض ".

وقال محمد بن الحسن: " مرض أبو يوسف، وخيف عليه، فعاده أبو حنيفة، فلما خرج من عنده، قال: إن يمت هذا الفتى فإنه أعلم مَن على الأرض "، مع كثرة المجتهدين، وأكابر الفقهاء في هذا العصر ببلاد العراق وغيرها.

وكذلك محمد بن الحسن أيضًا قد بالغ الشافعي في مدحه والثناء عليه، وقال الربيع ابن سليمان: كتب إليه الشافعي، وقد طلب منه كتبًا فاخرة:

<<  <   >  >>