للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قل للذي لم تر عيني ... ممن رآه مثله

ومن كان من رآه ... قد رأى من قبله

العلم ينهي أهله ... أن يمنعوه أهله

لعله يبذله ... لأهله لعله

فأنفذ إليه الكتب.

وقال إبراهيم الحربي: قلت لأحمد بن حنبل:

من أين لك هذه المسائل الدقيقة؟

قال: من كتب محمد بن الحسن.

وقال الحسن بن أبي مالك، من تلاميذ أبي يوسف:

لم يكن أبو يوسف يدقق هذا التدقيق الشديد.

وقال عيسى بن أبان: هو أفقه من أبي يوسف - رحمه الله -.

وقد ذكر القاضي عبد الرحمن بن خلدون المالكي في مقدمته: أن الشافعي رحل إلى العراق، ولقى أصحاب أبي حنيفة،

وأخذ عنهم، ومزج طريقة أهل الحجاز بطريقة أهل العراق،

واختص بمذهب، وكذلك أحمد بن حنبل أخذ عن أصحاب أبي حنيفة مع وفور بضاعته في الحديث، فاختص بمذهب ".

ألا ترى أنه لما ادَّعَى بعض الشافعية رجحان القول بمفهوم الصفة والشرط على القول بنفيه بكون الشافعي - رحمه الله - قال به مع سلامة طبعه، واستقامة فهمه، وغزارة علمه، وصحة النقل عنه، وكثرة أتباعه.

وقال ابن الهمام وآخرون: بأن هذه الكمالات متحققة أيضًا في محمد بن

الحسن، مع تقدُّم زمانه، وعُلُوِّ شأنه، وهو قائل بنفيه.

وأما زفر: فقد قال فيه أبو حنيفة: هذا إمام من أئمة المسلمين، وإنه أقيس أصحابي.

وقال المزني: هو أَحَدُّهُمْ قياسًا.

وكفى بذلك شهادة له، ولكل واحد من هؤلاء الأئمة الثلاثة أصول مختصة

به، تَفَرَّدَ بها عن أبي حنيفة، وخالفه فيها.

ومن ذلك: أن الأصل في تخفيف النجاسة تعارُض الأدلة عند أبي حنيفة،

واختلاف الأئمة عندهما، وأن المجاز خلفٌ عن الحقيقة في التكلُّم، أو في الحكم، وغير ذلك كثير كما هو مُبَيَّن في كتب الأصول.

<<  <   >  >>