للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يتجاوزوه، إذا أتَوا مكةَ قاصدينَ الحجَّ أو العمرةَ.

وقد وقَّت النبيُّ صلى الله عليه وسلم؛ كما قال ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: «لِأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ كَانَ يُرِيدُ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ، فَمِنْ أَهْلِهِ، حَتَّى إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا» (١).

وقال ابنُ عمرَ رضي الله عنهما: لما فُتِحَ هذان الْمِصْرَانِ أتَوا عمرَ، فقالوا: يا أميرَ المؤمنينَ، إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حدَّ لأهلِ نجدٍ قرنًا، وهو جَوْرٌ عن طريقِنا، وإنِّا إنْ أردْنا قرنًا شقَّ علينا، قال: فانظروا حَذْوَها من طريقِكم، فحدَّ لهم ذاتَ عِرْقٍ» (٢).

وهذه المواضعُ المذكورةُ في الأحاديثِ تُعْرَفُ للحجيجِ الآنَ بواسطةِ سكَّانِها، أو بوسائلَ أخرى.


(١) رواه البخاري (١٤٥٤)، ومسلم (١١٨١) وقوله صلى الله عليه وسلم: «فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ كَانَ يُرِيدُ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ»، فلو مرَّ الشاميُّ على ذي الحليفةِ؛ لزمه الإحرامُ منها وليس له مجاوزتُها إلى الجحفةِ التي هي ميقاتُه، وقولُه صلى الله عليه وسلم: «فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمِنْ أَهْلِهِ»؛ أي: إنَّ مَن كان مسكنُه بين مكةَ والميقاتِ فميقاتُه مسكنُه، ولا يلزمُه الذَّهابُ إلى الميقاتِ، ولا يجوزُ له مجاوزةُ مسكنِه بغيرِ إحرامٍ، ولذلك جاء في رواية: «فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ»، و «مُهَلُّهُ»؛ مكانُ إحرامِه، مأخوذٌ من الإهلالِ، وهو رفعُ الصوتِ بالتلبيةِ عند الإحرامِ، و «أهله»، يعني: مسكنه وموضعه.
(٢) رواه البخاري (١٤٥٤)، و «الْمِصْرَانِ»؛ البصرةُ والكوفةُ، «جَوْرٌ»؛ أي: مائلٌ بعيدٌ، «حذوها»؛ أي: ما يحاذيها ويقابلُها، «فحدَّ لهم»؛ أي: عيَّن لهم، وهو لا يكونُ إلا بتوقيفٍ من النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

<<  <   >  >>