للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَسَاكِينَ»؛ لحديثِ كعبِ بنِ عُجْرةَ رضي الله عنه قال: أتَى عليَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم زمَنَ الحُدَيْبِيَةِ، وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟»، قلت: نعم، قال: «فَاحْلِقْ رَأْسَكَ»، ففيَّ نَزَلَتْ هذه الآيةُ خَاصَّةً، وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةٌ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦]، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ؛ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ، أَوْ انْسُكْ بِشَاةٍ» (١).

وقِيسَ بحلقِ الشَّعرِ ما في معناه من بقيَّةِ الاستمتاعاتِ المحرَّمةِ، كالطِّيبِ والأدْهانِ واللِّباسِ وقصِّ الأظفارِ ومقدماتِ الجماعِ على الأصحِّ لاشتراكِ الكلِّ في التَّرَفُّه.

«وَالثَّالث: الدَّمُ الْوَاجِبُ بِالْإِحْصَارِ، فَيَتَحَلَّلُ، وَيُهْدِي شَاةً»؛ لقولِه تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦].

و {أُحْصِرْتُمْ}؛ أي: مُنِعْتُم من المُضِيِّ لأداءِ الحجِّ أو العمرةِ.

وحُصِرَ؛ أي: أُحِيطَ به ومُنع مِن بلوغِ قصدِه، وقد تحلَّلَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالحديبيةِ لما صدَّه المشرِكونَ عن البيتِ الحرامِ، وكان مُحرِمًا بِعُمْرةٍ.

يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ رضي الله عنهما: «خَرَجْنَا مَعْ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مُعْتَمِرِينَ فَحَالُ كَفَّارُ قُرَيْشٍ دَوْنَ البَيْتِ، فنَحَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بُدْنَه


(١) رواه البخاري (١٧١٩)، ومسلم (١٢٠١).

<<  <   >  >>