للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَطْعُ شَجَرِهِ، وَالْمُحِلُّ وَالْمُحْرِمُ فِي ذَلَكَ سَواءٌ»؛ لحديثِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «حَرَّمَ اللهُ مَكَّةَ فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَا لِأَحَدٍ بَعْدِي، أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ»، فقال العبَّاسُ رضي الله عنه: إِلَّا الإذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا، فقال: «إِلَّا الإِذْخِرَ» (١).

وقولُه صلى الله عليه وسلم: «لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا»؛ أي: لا يُقطعُ، «وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا»؛ أي: لا يُزعجُ من مكانِه، ولا يحلُّ صيدُه، «وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ»؛ أي: لا تُؤخذُ، إلا لمَن أرادَ أنْ يُعِرِّفَها ويَنادِيَ عليها حتى يجيءَ صاحبُها ليأخذَها.

وقولُه: «إِلَّا الْإِذْخِرَ»؛ أي: باستثناءِ الإذخرِ، وهو نباتٌ عشبيٌّ من فصيلةِ النجيلياتِ، ينبتُ في السُّهولِ وفي المواضعِ الجافَّةِ الحارَّةِ، ويُقالُ له: حلفاءُ مكةَ، له رائحةٌ ليمونيَّةٌ عطِرَة، أزهارُه تُستَعملُ منقوعًةً كالشَّايِ، ويُقالُ له -أيضًا-: طيبُ العربِ.

وقولُه: «لِصَاغَتِنَا»، جمعُ صائغٍ، فيستعملونَه لحاجتِهم في الصِّياغةِ، وجاء في روايةٍ: «لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ»؛ أي: لحَدَّادِهِمْ؛ لأنَّه يَحتاجُ إليه في إيقادِ النَّارِ، وكذلك يُحتاجُ إليه في سقوفِ البيوتِ فيجعلُ فوقَ الخشبِ، وكذلك يُحتاجُ إليه في القبورِ لتُسدَّ به فُرجُ اللَّحدِ المتخللةُ بينَ اللبناتِ.

والله تعالى أعلم.


(١) رواه البخاري (١٢٨٤)، ومسلم (١٣٥٣).

<<  <   >  >>