للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولحديثِ عُبادَةَ بنِ الصَّامتِ رضي الله عنه: أنَّه غزَا مع معاويةَ رضي الله عنه أرضَ الرومِ، فنظرَ إلى النَّاسِ وهم يتبايعونَ كسرَ الذَّهبِ بالدَّنانيرِ، وكسرَ الفضَّةِ بالدَّراهمِ، فقال: يا أيُّها النَّاسُ، إنَّكم تأكلونَ الرِّبا، سمعت رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «لَا تَبْتَاعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، لَا زِيَادَةَ بَيْنَهُمَا وَلَا نَظِرَةً» (١).

الثَّاني: «رِبَا النَّسِيئَةِ»، وهو بيعُ المالِ الربويِّ بجنسِه مؤجلًا، مثالُه: إعطاءُ شخصٍ لآخرَ ألفَ دينارٍ ليردَّه بعدَ عامِ ألفًا ومائةً، وهذا النَّوعُ من الرِّبا هو الأشهرُ والأكثرُ شيوعًا قديمًا وحديثًا، وهو الرِّبا الذي كانت العربُ في الجاهليَّةِ يتعاملُونَ به, وجميعُ الآياتِ القرآنيةِ التي تحدَّثَت عن تحريمِ الرِّبَا المرادُ فيها ربَا النَّسيئةِ الذي هو ربَا الجاهليةِ، وهو الرِّبَا الذي أُنشِئَت على أسَاسِه المصارفُ الرِّبويَّةُ، والمحورُ الرئيسُ لمعاملاتِها، فجميعُ السُّلَفِ, أو القُرُوضِ التي تُقَدِّمها المصارفُ الرِّبويَّةُ إلى أجَلٍ في مقابلِ الزِّيادةِ السنويَّةِ -كسبعةٍ في المائةِ أو نحوِ ذلك- تمثِّلُ صورةً من صورِ ربَا النَّسيئةِ.

الثَّالث: «رِبَا الْيَدِ»، وهو بيعُ الربويِّ أو مبادلتُه بجنسِه أو بغيرِ جنسِه مع تأخيرِ قبضِ أحدِ البدلَينِ أو كليهما عن مجلسِ العقْدِ، مثالُه: مبادلةُ القمحِ أو الشَّعيرِ بالتَّمرِ مع تأخيرِ قبضِ أحدِ البَدَلَينِ أو كلَيهما، ومنه صرفُ النُّقودِ بجنسِها أو بغيرِ جنسِها مع تأخيرِ التَّقابضِ لأحدِهما أو كليهما، كصرفِ عددٍ من الجنيهاتِ


(١) رواه ابن ماجه (١٨)، وأصله في «صحيح مسلم»، وقد سبق قريبًا، وقوله: «وَلَا نَظِرَةً»؛ أي: لا انتظارَ ولا تأخيرَ من أحدِ الطَّرفين.

<<  <   >  >>