للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خَيْبَرَ هَكَذَا؟»، قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، إنَّا لنأخذُ الصَّاعَ من هذا بالصَّاعَينِ، والصَّاعَينِ بالثَّلاثةِ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَفْعَلْ، بِعِ الجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا» (١).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَجُوزُ بَيْعُ الْجِنْسِ مِنْهَا بِغَيْرِهِ مُتَفَاضِلًا نَقْدًا»؛ أي: يجوزُ بيعُ الجنسِ من المطعوماتِ بغيرِه، كالحِنطةِ بالشَّعيرِ؛ مُتفاضلًا، بشَرطِ أنْ يكونَ نقدًا،؛ أي: حالًّا مقبوضًا بيدِ كلٍّ منهما قبلَ التَّفرُّقِ، ودليلُه حديثُ عُبَادَةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ»، وقد تقدَّمَ مِرارًا.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْغَرَرِ»؛ لحديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» (٢).

والنَّهيُ عن بيعِ الغررِ أصلٌ عظيمٌ من أصولِ كتابِ البيوعِ، ويَدخلُ فيه مسائلُ كثيرةٌ غيرُ منحصرةٍ، كبيعِ الآبقِ، والمعدومِ، والمجهولِ، وما لا يُقدَرُ على تسلِيمِه، وما لم يتمُّ ملكُ البائعِ عليه، وبيعِ السَّمكِ في الماءِ الكثيرِ، واللَّبنِ في الضَّرْعِ، وبيعِ الحَمْلِ في البَطنِ، ونظائرَ ذلك، وكلُّ ذلك بيعُه باطلٌ؛ لأنَّه غَرَرٌ


(١) رواه البخاري (٢٠٨٩)، ومسلم (١٥٩٣)، و «الجنيب»: نوعٌ جيدٌ من أنواعِ التَّمرِ، «الجمعَ»: الرديءَ أو الخليطَ من التمرِ.
(٢) رواه مسلم (١٥١٣).

<<  <   >  >>