للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرَةِ مُطْلَقًا إِلَّا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا»؛ لحديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ» (١).

وفي روايةٍ أنَّه صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَبْتَاعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَتَذْهَبَ عَنْهُ الْآفَةُ» (٢).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا بَيْعَ مَا فِيهِ الرِّبَا بِجِنْسِهِ رَطْبًا إِلَّا اللَّبَنَ»، لا يجوزُ بيعُ شيءٍ فيه الرِّبا بجنسِه من المطعوماتِ حالَ كونِه رطبًا؛ لأنَّ المماثلةَ شرطٌ في بيعِ الربويِّ بجنسِه، ووقتُ اعتبارِ المماثلةِ هو الوقتُ الذي يبلغُ فيه الرِّبويُّ حالَ الكمالِ، فـ «البلحُ» -مثلًا- حالَ كونِه رُطَبًا لم يبلغْ حالَ الكمالِ، فلا يجوزُ بيع «البلحِ» رُطَبًا بجنسِه؛ سواءٌ كان رُطَبًا برُطَبٍ، أو رُطَبًا بيابسٍ، ويُقاسُ على ذلك، فلا يُباعُ عِنَبٌ بِعِنَب، ولا عِنَبٌ بزبيبٍ؛ لأنَّ حالَ الكمالِ في العنبِ أنْ يصلَ إلى مرحلةِ الزَّبيبِ؛ فيباعُ الزَّبيبُ بالزَّبيبِ، وكذلك أجناسُ الفاكهةِ؛ كالمُشمُشِ والتِّينِ، فلا يُباعُ شيءٌ منها بجنسِه حتى ييْبسَ، فلا يُباعُ منه رَطْبٌ بِرَطْبٍ ولا رَطْبٌ بيابسٍ، يقولُ سعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه سُئِلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن


(١) رواه البخاري (٢٠٨٢)، ومسلم (١٥٣٤)، وقوله: «حتى يبدوَ صلاحُها»: يظهرَ نضجُها.
(٢) رواه مسلم (١٥٣٤)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «وَتَذْهَبَ عَنْهُ الْآفةُ»؛ أي: العاهةُ التي تصيبُ الزرعَ أو الثمرَ ونحوَه فتفسدُه.

<<  <   >  >>