وفي الاصطلاح: جَعْلُ عينٍ ماليَّةٍ وثيقةً بِدَيْنٍ يُستوفَى منها عندَ تعذُّرِ الوفاءِ.
والأصلُ في مشروعيَّتِه من الكتابِ قولُه تعالى:{وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ}[البقرة: ٢٨٣].
ويصحُّ الرَّهنُ في الحضرِ كما يصحُّ في السَّفرِ، تقولُ عائشةُ رضي الله عنها:«اشترى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ»(١).
وقد أجمعتِ الأمَّةُ على مشروعيَّةِ الرَّهنِ وتعاملت به، ولم ينكرْه أحدٌ.
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَكُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ رَهْنُهُ فِي الدُّيُونِ إِذَا اسْتَقَرَّ ثُبُوتُهَا فِي الذِّمَّةِ»؛ لأنَّ المقصودَ من الرَّهنِ أنْ يباعَ ويُستوفَى الحقُّ منه إذا تعذَّرَ استيفاؤُه من ذمَّةِ الرَّاهنِ، وهذا يتحقَّقُ في كلِّ عينٍ جازَ بيعُها.
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَلِلرَّاهِنِ الرُّجُوعُ فِيهِ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ»؛ أي: للرَّاهنِ الرُّجوعُ عن الرَّهنِ ما لم يقبضِ المرتهنُ العينَ المرهونةَ؛ لقولِه تعالى:{فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ}[البقرة: ٢٨٣]، فلا يلزمُ الرَّهنُ قبلَ القبضِ، فإنْ قبضَه لزِمَ الرَّهنُ وامتنعَ على الرَّاهنِ الرُّجوعُ فيه.
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَلَا يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ إِلَّا بِالتَّعَدِّي»، المرهونُ أمانةٌ في يدِ المرتهَنِ؛ لأنَّه قبضَه بإذنِ الرَّاهنِ، فكان