وَجَعٍ اشْتَدَّ بي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهَ، قَد بَلَغَ بي مِن الوجَعِ ما تَرَى، وأنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُني إلَّا ابنةٌ لي، أفَأَتَصَدُّقُ بثُلُثَي مَالِي؟ قال: «لَا»، فقلت: بالشَّطْرِ؟ فقال: «لَا، الثُّلُثُ، والثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» (١).
٦ - «وَالْعَبْدُ الَّذِي لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ»؛ لأنَّ مالَ العبدِ لسيدِه، ولا يجوزُ له التصرُّفُ بغيرِ إذنِه، فإذا أَذِنَ له سيِّدُه صحَّ تصرُّفُه.
قال أبو شجاع رحمه الله: «وَتَصَرُّفُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ»؛ أي: في الأمورِ الماليةِ، فلا يصحُّ منهم بيعٌ ولا شراءٌ ولا هبةٌ، ولا عِتْقٌ، ولا غيرُ ذلك من التَّصرفاتِ الماليَّةِ، وكذلك نكاحُ السفيهِ بدونِ إذْنِ وليِّهِ لا يَصحُّ؛ لأنَّه يتضمنُ وجوبَ المالِ، فإذا تزوَّجَ السَّفِيهُ بدونِ إذنِ وليِّه فإنَّ نكاحَه يكونُ باطلًا، ويفرَّقُ بينهما، ولا يلزمُه شيءٌ؛ وإنْ لم تعلمِ الزوجةُ أنَّه سفيهٌ؛ لأنَّها قصَّرت في عدمِ السُّؤالِ عنه، فإذا تزوَّجَ امرأةً بإذنِ وليِّها وأمهرَها مهرَ المثلِ فإنَّ العقدَ يصحُّ؛ فإذا زادَ على مهرِ المثلِ فإنَّ النِّكاحَ يصحُّ وتُلغى الزيادةُ، ويصحُّ طلاقُ السَّفيهِ ومراجعتُه؛ كما يصحُّ خلعُه، ويجبُ دفعُ عوضِ الخُلعِ إلى وليِّه، وحكمُ السفيهِ في العباداتِ الماليَّةِ الواجبةِ كالزَّكاةِ ونفقةِ الزَّوجةِ والأولادِ ونحوِ ذلك كالرَّشيدِ؛ بخلافِ المندوبةِ كصدقةِ التَّطوعِ، والهبةِ ونحوِ ذلكَ،
(١) رواه البخاري (١٢٣٣)، ومسلم (١٦٢٨)، وقوله: «عالةً»؛ أي: فقراءَ، و «يتكفَّفون»؛ أي: يسألون بأكفِّهم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute