للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} [النساء: ١٢٨].

الرابع: صلحٌ بينَ المتخاصمَينِ في الأمورِ غيرِ الماليَّةِ، وليس منهم بغاةٌ، كما في حديثِ سهلِ بنِ سعدٍ رضي الله عنه أنَّ أهلَ قُبَاءٍ اقتتلوا حتى تَرامَوْا بالحجارةِ، فأُخْبِرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: «اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ» (١).

الخامس: صلحٌ في المعاملاتِ الماليَّةِ، وهو المقصودُ في هذا الفصلِ، وهو مرادُ الفقهاءِ عندَ عنونتِهم لـ «الصلحِ».

والأصلُ في مشروعيَّتِه من الكتابِ قولُه تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: ١٢٨].

ومِنَ السُّنَّةِ حديثُ عمرِو بنِ عوفٍ المُزَنِيِّ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، إِلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا، وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» (٢).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَصِحُّ الصُّلْحُ مَعَ الْإِقْرَارِ فِي الْأَمْوَالِ وَمَا أَفْضَى إِلَيْهَا»، الصلحُ مع الإقرارِ جائزٌ؛ بخلافِ الصُّلحِ مع الإنكارِ، فإنَّه يكونُ باطلًا؛ لأنَّ المدَّعِيَ إنْ كان كاذبًا فقد


(١) رواه البخاري (٢٥٤٧).
(٢) رواه الترمذي (١٣٥٢)، وابن ماجه (٢٣٥٣)، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».

<<  <   >  >>