للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأصلُ في مشروعيَّتِها من الكتابِ قولُه تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا} [الكهف: ١٩].

ومن السُّنَّةِ حديثُ عروةَ بنِ أبي الجعدِ البارقيِّ رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارًا يشتري له به شاةً، فاشترى له به شاتينِ، فباع إحداهما بدينارٍ، وجاءه بدينارٍ وشاةٍ، فدعَا له بالبركةِ في بيعِه، وكان لو اشترَى التُّرابَ لربحِ فيه» (١).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَكُلُّ مَا جَازَ لِلْإِنْسَانِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِنَفْسِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ أَوْ يَتَوَكَّلَ فِيهِ»، كل ما جاز للإنسان التصرف فيه بنفسه بملك أو ولاية جاز له أن يوكل فيه غيره؛ لأنه إذا لم يقدر على التصرف بنفسه فبنائبه أولى.

وكما يُشترطُ في صحَّةِ التَّوكيلِ صحَّةُ مباشرةِ الموكِّلِ فكذلك الوكيلُ يشترطُ أنْ يكونَ ممن يصحُّ تصرُّفُه فيه لنفسِه، فلا يصحُّ توكيلُ الصبيِّ والمجنونِ ومَن فِي معناهما؛ لِتَعَذُّرِ مُبَاشَرَتِهِمُ العملَ لأنفسهم فلغيرِهما أوْلى.

ويُشترَطُ -أيضًا- في الموكَّلِ فيه أنْ يكونَ قابلًا للنِّيابةِ؛ فلا يصحُّ التَّوكيلُ في العباداتِ البدنيَّةِ؛ لأنَّ المقصودَ منها الابتلاءُ والاختبارُ، وهو لا يحصلُ بفعلِ الغيرِ، ويُستثنى من ذلك مسائلُ؛ كالحجِّ والعمرةِ، وذبحِ الأضاحِي، وتفرقةِ الزَّكاةِ، وصومِ


(١) رواه البخاري (٣٤٤٣).

<<  <   >  >>