للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» (١).

وقد ضاربَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لخديجةَ بأموالِها إلى الشَّامِ، وأنفذَت لخدمتِه عبدًا لها يقالُ له: ميْسرةٌ (٢).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلِلْقِرَاضِ أَرْبَعَةُ شَرَائِطَ:

١ - أَنْ يَكُونَ عَلَى نَاضٍّ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ»، يُشترطُ لصحةِ عقدِ القِراضِ أن يكونَ على ناضٍّ، وهو ما ضُرِبَ من الدَّراهمِ والدَّنانِيرِ، وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّ شرطَ المالِ أنْ يكونَ نقدًا خالصًا، ولا بدَّ أنْ يكونَ معلومًا جنسًا وقدرًا وصفةً.

٢ - «وَأَنْ يَأْذَنَ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ فِي التَّصَرُّفِ مُطْلَقًا، أَوْ فِي مَا لَا يَنْقَطِعُ وُجُودُهُ غَالِبًا»، يشترطُ في عقدِ القِراضِ أن لا يكونَ العاملُ مُضَيَّقًا عليه، والتَّضييقُ تارةً يكونُ بمنعِ التصرُّفِ مطلقًا؛ بأنْ يقولَ: لا تشترِ شيئًا حتى تشاورَني، وكذلك لا تبِعْ إلَّا بمشورتِي؛ لأنَّ ذلك يؤدِي إلى فواتِ مقصودِ العقدِ، فقد يجدُ شيئًا يربَحُ فيه، ولو راجعَه لفاتَ، وكذا البيعُ، فيؤدِّي إلى فواتِ مقصودِ القِراضِ، وهو الرِّبحُ، وتارةً يكونُ التَّضييقُ بأنْ يَشْتَرِطَ عليه شراءَ متاعٍ مُعَيَّنٍ، كهذه الحنطةِ، أو هذه الثيابِ، أو يَشْتَرِطَ عليه شراءَ نوعٍ يَنْدُرُ وجودُه؛ كالخيلِ البُلْقِ (٣) ونحوِ ذلكَ، أو يشترطَ عليه معاملةُ شخصٍ معيَّنٍ، فيقولَ: لا تشترِ إلَّا من فلانٍ،


(١) رواه مسلم (١٥٢٢).
(٢) «السيرة النبوية» لابن هشام (٢/ ٦).
(٣) البُلْقُ: جمعُ أبلقَ، وهو الذي أخذَ فيه البياضُ مع لونٍ غيرِه.

<<  <   >  >>