للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتنعقدُ -أيضًا- بقولِ المؤَجِّرِ لدارٍ -مثلًا- أجَّرْتُك مَنْفَعَتَها سنةً -مثلًا-، فيقولُ المستأجرُ: قبِلْتُ، وإنَّما تصحُّ إجارةُ ما أمكنَ الانتفاعُ به إذا قُدِّرَتْ منفعتُه في العقدِ بأحدِ أمرينِ:

الأولُ: أنْ يكونَ بتعيينِ مدَّةٍ في المنفعةِ المجهولةِ القدرِ؛ كالسُّكنَى، والرَّضَاع، وسقْيِ الأرضِ، ونحوِ ذلك؛ إذ السُّكنَى، وما يُشْبِعُ الصَّبِيَّ من اللبن، وما تُرْوَى به الأرضُ من السَّقْيِ يختلفُ ولا ينضبطُ، فاحْتِيجَ في منفعتِهِ إلى تقديرِهِ بمدَّةٍ.

والثَّاني: بتعيينِ محلِ عملٍ في المنفعةِ المعلومةِ القدرِ في نفسِها؛ كخياطةِ الثَّوبِ، والرُّكوبِ من مكانٍ إلى مكانٍ، فتعيينُ العملِ فيها طريقُ إلى معرفتِها، فلو قال: لتخِطْ لي ثوبًا لم يصحَّ، بل يُشْتَرَطُ أن يُبَيِّنَ ما يريدُ مِنَ الثَّوبِ؛ من قميصٍ أو غيرِه، وأن يُبَيِّنَ نوعَ الخياطةِ: أهي روميَّةٌ، أو فارسيَّةٌ؛ إلَّا أنْ تَطَّرِدَ عادةً بنوعٍ فيُحْمَلُ المطلقُ عليه.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَإِطْلَاقُهَا يَقْتَضِي تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ التَّأْجِيلُ»، تجبُ الأجرةُ في الإجارةِ بنفسِ العقدِ، كما يملكُ المستأجرُ بالعقدِ المنفعةَ، ولأنَّ الإجارةَ عقدٌ لو شُرِطَ في عوضِه التَّعجيلُ أو التأجيلُ اتُّبع، فكان مُطلَقُه حالًّا؛ كالثَّمَنِ في البيعِ، فإذا شرَطَ فيه التأجيلَ اتُّبِع؛ لأنَّ المؤمنين عندَ شروطِهم.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ»، إذا مات أحدُ المستأجرينَ والعينُ المستأجرةُ باقيةٌ لم يبطلِ العقدُ؛ لأنَّ الإجارةَ عقدُ معاوضةٍ على شيءٍ يقبلُ النَّقلَ،

<<  <   >  >>