يستحقُّ الجُعْلَ إلَّا بالفراغِ من العملِ، وقد ترَكه، فسقطَ حقُّه، وإنْ فسخَه صاحبُ العملِ فله حالانِ:
الأول: أنْ يكونَ قبلَ الشُّروعِ في العملِ فلا يلزمُه شيءٌ؛ لأنَّه فسخَه قبلَ أنْ يستهلكَ شيئًا من منفعةِ العاملِ، فلا يلزمُه شيءٌ.
الثَّاني: أنْ يكونَ بعدَ الشُّروعِ في العملِ فلزِمَه أجرةُ المثْلِ لما عمِلَ؛ لأنَّه استهلك شيئًا من منفعتِه بشرطِ العوضِ، فلزمتْه أُجرتُه.
ولا يستحقُّ العاملُ الجُعْلَ إلا بإذنِ صاحبِ العملِ، كأنْ يقولَ صاحبُ العملِ: مَن وَجَدَ لي ضالَّتي الفلانيَّةَ فله كذا، فإذا عمِلَ العاملُ بدونِ إذنٍ لم يستحقَّ شيئًا، كما إذا وجدَ إنسانٌ ضالةً لآخرَ فردَّها عليه، أو علَّم وَلَدَهُ دونَ إذنٍ منه؛ لأنَّه بذلَ منفعتَه من غيرِ عوضٍ، فلم يستحقَّه، فإنْ أَذِن له بالعملِ ولم يَشْرِطْ له جُعلًا، فلا يستحقُّ شيئًا -أيضًا-.
وإنْ أَذِن لشخصٍ بالعملِ، فعمِلَ غيرُه فلا شيءَ له، وإنْ كان معروفًا بالقيامِ بهذا العملِ بعوضٍ؛ لأنَّه لم يلتزمْ له بعوضٍ، فوقعَ عملُه تبرُّعًا.
ولا يستحقُّ العاملُ الجُعْلَ إلَّا بالفراغِ من العملِ، كالبُرءِ من المرض إن كان الجُعلُ على الشفاءِ، أو الحِذْقِ بالقراءةِ والكتابةِ إن كان على التعليمِ، أو تسليمِ الضالةِ إن كان على ردِّها، وهكذا.