وفي الاصطلاح: حبسُ مالٍ يمكنُ الانتفاعُ به مع بقاءِ عينِه، بقطعِ التصرفِ في رقبتِه، وتُصرَفُ منافعُه في وجوهِ البرِّ؛ تقرُّبًا إلى اللهِ تعالى.
والأصلُ في مشروعيتِه من الكتابِ قولُه تعالى:{وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[الحج: ٧٧].
ومن السُّنةِ حديثُ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما قال:«إنَّ عمرَ بنَ الخطابِ أصاب أرضًا بخيبرَ، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يستأمرُه فيها، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي أصبتُ أرضًا بخيبرَ لم أُصِبْ مالًا قطُّ أنفَسَ عندي منه، فما تأمرُ به؟ قال: «إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا»، قال: فتصدَّقَ بها عمرُ؛ أنَّه لا يُباعُ، ولا يُوهَبُ، ولا يُورثُ، وتَصدَّقَ بها في الفقراءِ، وفي القُربَى، وفي الرقابِ، وفي سبيلِ اللهِ، وابنِ السبيلِ، والضيفِ، لا جناحَ على مَن ولِيها أنْ يأكلَ منها بالمعروفِ، ويطعمَ غيرَ مُتَمَوِّلٍ (١).
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَالْوَقْفُ جَائِزٌ بِثَلَاثَةِ شَرَائِطَ:
١ - أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ»، يجوزُ الوقفُ بشروطٍ ثلاثةٍ؛ أولُها: أنْ يُنْتَفَعَ به مع بقاءِ عينِه، فيدخلُ فيه الأراضي والعَقارُ، ونحوُ ذلك؛ مُفْرَزًا كان أو مَشاعًا، واحتُرِزَ به عمَّا لا يُنتَفعُ به مع بقاءِ عينِه، كالطعامِ ونحوِه؛ لأنَّه لا يُنتَفعُ به إلا باستهلاكِ عينِه.