إلَّا المرتهِنَ والمستأجِرَ فإنَّهما لا يُصَدَّقَانِ في الرَّدِّ؛ لأنَّهما أَخَذَا العينَ لغرضِ أنفسِهما، فإن ادَّعى الرَّدَّ على غيرِ من ائتمنَه كَوَارِثِ المالكِ أو ادَّعى وارثُ المودَعِ ردَّ الوديعةِ على المالكِ أو أَوْدَعَ المودعُ عندَ سفرهِ أمينًا فادَّعى الأمينُ الرَّدَّ على المالكِ طُولبَ كلٌّ ممن ذُكِرَ بِبَيِّنَةٍ بالرَّدِّ على من ذَكَرَ؛ إذِ الأصلُ عدمُ الرَّدِّ، ولم يَأْتَمِنْه.
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَعَلَيْهِ أَنْ يَحْفَظَهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا»، إذا قَبِلَ شخصٌ وديعةً لَزِمَه حِفْظُها في حِرْزِ مِثْلِها، فتوضَعُ الدَّراهمُ في الصُّندوقِ، والأثاثُ في البيتِ، والغَنمُ في صحنِ الدَّارِ ونحوُ ذلك، وضابطُ حِرْزِ المِثْلِ عُرفيٌّ؛ أيْ: بحسَبِ عادةِ النَّاسِ وما يَرَوْنَه مناسبًا لحفظِ الأشياءِ بحسَبِ نَفاستِها ودناءتِها، وكثرتِها وقِلَّتِها، وهذه الأمورُ تَختلفُ بحسَبِ الأقاليمِ والحواضرِ والبوادي، وباعتبارِ الأزمنةِ والأمكنةِ، وكثرةِ السَّرقةِ في البلدِ أو نُدرتِها ونحوِ ذلك منَ الاعتباراتِ.
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَإِذَا طُولِبَ بِهَا فَلَمْ يُخْرِجْهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا حَتَّى تَلِفَتْ ضَمِنَ»، إذا طالَبَ المالكُ الوديعَ بردِّ الوديعةِ فلم يردَّها عليه مع القدرةِ عليها وقتَ طَلَبِها حتَّى تَلِفَتْ ضَمِنَها بِبَدَلِها منْ مِثْلٍ إن كانت مِثْلِيَّةً، أو قيِمةٍ إن كانت متقوَّمَةً؛ لتركِه الواجبَ عليه، وليس المرادُ بردِّ الوديعةِ حمْلَها إلى مالكِها، بل يَحْصُلُ بأن يخلِّيَ بيْنَه وبَيْنَها، وليس له أن يُلزِمَ المالكَ الإشهادَ، وإن كانَ أَشْهَدَ عليه عندَ الدَّفعِ فإنَّه يُصَدَّقُ في الدَّفعِ