بثِقَلِه وتَلِفَ ما فيه بانكسارِه؛ أمَّا إذا تَلِفَ بغيرِ ذلك كسرِقةٍ فلا يَضْمَنُ، وكذلك يَضْمَنُ إذا خالَفَ مالكَها فيما أمَرَه به في حفظِها، وتَلِفَتْ بسببِ المخالَفةِ؛ أو خَلَطَها بمالِ نفْسِه، أو انتَفعَ بها كأنْ كانت دابَّةً فركِبَها، أو ثيابًا فلَبِسَها بغيرِ عذرٍ، أو سافرَ بها مع وجودِ مالكِها أو وكيلِه، ثمَّ الحاكمِ، ثمَّ الأمينِ، وكذلك يَضْمَنُها بالمَطْلِ في تخلِّيه بيْنَها وبيْنَ مالكِها من بعدِ طَلَبِها من غيرِ عذرٍ ظاهرٍ؛ فإنْ ماطلَ في تخليتِها لعذرٍ ظاهرٍ؛ كصلاةٍ أو طهارةٍ أو أكلٍ، أو لقضاءِ حاجةٍ أو حمَّامٍ، أو ملازمةِ غريمٍ يَخافُ هربَه، أو نحوِها ممَّا لا
يَطولُ زمنُه، أو لغيرِ عذرٍ ولكن لم يَطْلُبْها مالكُها لم يَضْمَنْها؛ لعدمِ تقصيرِه، ولو أَعْلَمَ بالوديعةِ من يُصَادِرُ أموالَ المالكِ ويأخذُها ضَمِنَ، ولو أخذَ الوديعةَ ظالمٌ لم يَضْمَنْ؛ كما لو سُرِقَتْ ولو طَالَبَ ظالمٌ المودَعَ بالوديعةِ لَزِمَه دفعُه بالإنكارِ والإخفاءِ بكلِّ قُدرتِه، فإن تَرَكَ الدَّفعَ مع القدرةِ ضَمِنَ؛ لتقصيرِه، وإن أَنْكَرَ فحَلَّفه الظَّالمُ جازَ له أن يَحْلِفَ لمَصلحةِ حفْظِ الوديعةِ، وتَلْزَمُه الكفَّارةُ، وإن أَكْرَهَه على الحلِفِ بالطَّلاقِ تَخَيَّرَ بينَ الحلِفِ وبينَ الاعترافِ، فإنِ اعْتَرَفَ وسلَّمَ ضَمِنَ؛ لأنَّه فدَى زوجتَه بالوديعةِ، وإنْ حَلَفَ بالطَّلاقِ طُلِّقَتْ زوجتُه على المَذْهَبِ؛ لأنَّه فدى الوديعةَ بزوجتِه.
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَقَوْلُ الْمُودَعِ مَقْبُولٌ فِي رَدِّهَا عَلَى الْمُودِعِ»، قولُ المودَعِ مقبولٌ في ردِّها على المودِعِ بيمينِه، وإنْ أَشْهَدَ عليه بها عندَ دفعِها؛ لأنَّه ائتمنَه، وما ذكَرَه المصنِّفُ يَجري في كلِّ أمينٍ، كوكيلٍ وشريكٍ وعاملِ قراضٍ. وضابطُ الذي يُصَدَّقُ بيمينِه في الرَّدِّ هو كلُّ أمينٍ ادَّعى الرَّدَّ على من ائتمنَه صُدِّقَ بيمينِه؛