للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أبو هريرةَ رضي الله عنه: كنتُ عندَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فأتاه رجلٌ فأَخْبَرَه أنَّه تَزَوَّجَ امرأةً من الأنصارِ، فقال له رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا؟»، قالَ: لا، قالَ: «فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا» (١).

والمرادُ بقولِه: «تَزَوَّجَ امرأةً من الأنصارِ»؛ أنَّه أرادَ تزوُّجَها بخِطْبَتِها، وقولُه صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا»؛ أيْ: في أعينِهِنَّ شيءٌ يَختلفُ عن أعينِ غيْرِهنَّ؛ ربَّما لا يُعْجِبُكَ.

وقال المغيرةُ بنُ شُعبةَ رضي الله عنه خطَبتُ امرأةً، فقال لي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا؟»، قلتُ: لا، قالَ: «فَانْظُرْ إِلَيْهَا؛ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» (٢).

وحُمِلَ النَّظرُ في هذه الأحاديثِ على الوجهِ والكفَّيْنِ فقط؛ لأنَّها تُعَدُّ أجنبيَّةً، ولأنَّ في الوجهِ ما يُسْتَدَلُّ به على الجَمالِ، وفي اليدينِ ما يُسْتَدَلُّ به على خصوبةِ البدنِ ونعومتِه.

قال الخطيبُ الشِّربينيُّ رحمه الله: «وله تكريرُ نظرِه إن احتاجَ إليه؛ ليَتبيَّنَ هيئتَها، فلا يَندمَ بعدَ النِّكاحِ» (٣).

«وَالْخَامِسُ: النَّظَرُ لِلْمُدَاوَاةِ، فَيَجُوزُ إِلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَحْتَاجُ


(١) رواه مسلم (١٤٢٤).
(٢) رواه أحمد (١٨١٧٩)، والترمذي (١٠٨٧)، وقال: «هذا حديثٌ حسن»، وقولُه صلى الله عليه وسلم: «أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا»؛ أيْ: أَجْدَرُ أن يُجْمَعَ بينَكما, وتحصُلُ الأُلفةُ والمحبَّةُ, يقالُ: أَدَمَ اللهُ بينهما أدمًا, وآدمَ إيدامًا,: جَمَعَ, ومنه: الإدامُ؛ لأنَّه يُجْمَعُ بَيْنَهُ وبينَ الخبزِ.
(٣) «الإقناع في حلِّ ألفاظِ أبي شجاع» (٢/ ٤٠٥).

<<  <   >  >>