للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَالسُّنَّةُ: أَنْ يُوقِعَ الطَّلَاقَ فِي طُهْرٍ غَيْرَ مُجَامِعٍ فِيهِ، وَالْبِدْعَةُ: أَنْ يُوقِعَ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ أَوْ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ»، المرادُ بالسُّنَّةِ الطَّلاقُ الجائزُ، وبالبدعةِ الطَّلاقُ الحرامُ؛ والسُّنَّةُ أن يُوقِعَ الزَّوجُ الطَّلاقَ في طُهْرٍ غيرَ مُجامِعٍ فيه؛ والبدعةُ أن يُوقِعَ الزَّوجُ الطَّلاقَ في الحيضِ أو في طهرٍ جامَعَها فيه؛ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ رضي الله عنهما طَلَّقْتُ امرأتي وهي حائضٌ فذَكَرَ ذلك عمرُ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فتَغَيَّظَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثمَّ قالَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ» (١)؛

أيْ: بقولِه تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطَّلاق: ١]؛ أيْ: لاستقبالِ عِدَّتِهِنَّ، وعِدَّةُ ذواتِ الحيضِ ثلاثةُ قروءٍ، قال تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨]، والقَرْءُ عندَ الشَّافعيِّ رحمه الله الطُّهرُ (٢)، وعليه فإنَّها إن طُلِّقَتْ في الحيضِ سَتَطولُ عِدَّتُها بزمنِ الحيضةِ التي طُلِّقَتْ فيها؛ لأنَّها لن تُحْتَسَبَ من عِدَّتِها، وكذلك إذا طُلِّقَتْ في طهرٍ جامَعَها فيه؛ لأنَّ


(١) رواه البخاري (٤٩٥٣)، ومسلم (١٤٧١) ..
(٢) القُرءُ في اللُّغةِ يُطْلَقُ على الحيضِ والطُّهْرِ، قال ابنُ الأنباريِّ في «الأضداد» (ص: ٢٧): «يقالُ: القُرْءُ للطُّهْرِ، وهو مذهبُ أهلِ الحجازِ، والقُرْءُ للحيضِ، وهو مَذْهبُ أهلِ العراقِ»، ولهذا اختَلَفَ الفقهاءُ في المرادِ منه، فمن قال: إنَّ المرادَ به الحيضُ اشتَرَطَ في العِدَّةِ ثلاثَ حيضاتٍ كاملةٍ؛ أيْ: لا تَخْرُجُ من العِدَّةِ إلَّا بانقطاعِ الدَّمِ من الحيضةِ الثَّالثةِ، وأمَّا من قالَ: المرادُ به الطُّهرُ ومنهم الشَّافعيُّ رحمه الله فاشترَطَ ثلاثةَ أطهارٍ، تبدأُ بطُهرٍ لم يجامعْها فيه، وتنتهي بمجرَّدِ رؤيةِ الدَّمِ بعدَ الطُّهرِ الثَّالثِ.

<<  <   >  >>