للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فليتَّقِ اللهَ في التَّطليقةِ الثَّالثةِ، فإمَّا أن يُمْسِكَها بمعروفٍ فيُحْسِنَ صحابَتَها، أو يُسَرِّحَها بإحسانٍ فلا يَظْلِمَها من حَقِّها شيئًا» (١).

ويَمْلِكُ العبدُ طَلْقتينِ؛ لقولِ عمرَ بنِ الخطَّابِ رضي الله عنه: «يَنْكِحُ العبدُ امرأتينِ ويُطَلِّقُ تَطليقتينِ» (٢).

قال الخطيبُ الشِّربينيُّ رحمه الله: «وإذا طَلَّقَ الحُرُّ ثلاثًا سواءٌ أَوْقَعَهنَّ معًا أمْ لا, مُعَلَّقًا كانَ ذلك أمْ لا، قبْلَ الدُّخولِ أمْ لا، أو العبدُ، أو المُبَعَّضُ طَلقتينِ كذلك؛ لم تَحِلَّ له حتَّى تَنكحَ زوجًا غيرَه» (٣).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَيَصِحُّ الاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ إِذَا وَصَلَهُ بِهِ»؛ أيْ: وَصَلَ الزَّوْجُ لفظَ المستثنى بالمستثنى منه اتِّصالًا عُرْفِيًّا، بأنْ يُعَدَّ في العرفِ كلامًا واحدًا، فإن قال لزوجتِه: أنتِ طالقٌ ثلاثًا إلَّا اثنتينِ، صَحَّ ووقعت طلقةٌ واحدةٌ؛ لحديثِ معاذِ بنِ جبلٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَا أَحَلَّ اللهُ شَيْئًا أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّلَاقِ، فَمَنْ طَلَّقَ وَاسْتَثْنَى فَلَهُ ثُنْيَاهُ» (٤).

وكذلك يُشترطُ أن ينويَ الاستثناءَ قبلَ فراغِ اليمينِ، كما


(١) رواه ابنُ جريرٍ في «تفسيره» (٤/ ٥٤٣).
(٢) رواه الشَّافعيُّ في «مسنده» (١٨٧)، وذكَرَه ابنُ كثيرٍ رحمه الله في «مسند الفاروق» (١/ ٤٠٦)، وقالَ: «روى الثَّوريُّ عن جعفرِ بنِ محمَّدٍ عن أبيه عن عليِّ بنِ أبى طالبٍ مِثْلَه، وابنُ عوفٍ مِثْلَ قولِهما، ولا يُعْرَفُ لهم مخالِفٌ من الصَّحابةِ»، والعلَّةُ في أنَّ العبدَ يَنْكِحُ امرأتينِ ويُطَلِّقُ تطليقتينِ؛ أنَّ العبدَ على النِّصفِ من الحُرِّ، والنِّكاحُ لا يَتَبَعَّضُ، وكذلك الطَّلاقُ.
(٣) «مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج» (٤/ ٢٩٩)، والطَّلاقُ بلفظِ الثَّلاثِ من الطَّلاقِ البِدعيِّ المحرَّمِ، وهو يَقَعُ ثلاثًا عندَ الشَّافعيِّ رحمه الله.
(٤) رواه الدَّارقطني (٣٩٨٦).

<<  <   >  >>