فلا تَجِبُ النَّفقةُ للأغنياءِ، ولا للفقراءِ الأصحَّاءِ العقلاءِ إن كانوا ذوي كسْبٍ؛ لأنَّ القدرةَ بالكسبِ كالقدرةِ بالمالِ، فإن لم يكونوا ذوي كسبٍ وجبت نَفَقَتُهم على الفرعِ؛ لأنَّ الفرعَ مأمورٌ بمعاشرتِهم بالمعروفِ، قال تعالى:{وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}[لقمان: ١٥]، وليس من المعروفِ تكليفُهما الكسبَ مع كِبَرِ السِّنِّ.
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَأَمَّا الْمَوْلُودُونَ فَتَجِبُ نَفَقَتُهُمْ بِثَلَاثَةِ شَرَائِطَ: الْفَقْرُ وَالصِّغَرُ، أَوِ الْفَقْرُ وَالزَّمَانَةُ، أَوِ الْفَقْرُ والْجُنُونُ»، تجبُ نفقةُ المَوْلُودِينَ وإن سَفَلوا على الوالِدِينَ وإن عَلَوْا بواحدٍ من ثلاثةِ شَرائطَ:
وقالت عائشةُ رضي الله عنها: إنَّ هندَ بنتَ عُتبةَ قالت: يا رسولَ اللهِ، إنَّ أبا سُفيانَ رجلٌ شحيحٌ وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلَّا ما أخذتُ منه وهو لا يَعْلَمُ، فقالَ:«خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ»(١).
قال الشَّافعيُّ رحمه الله: وفي ذلك «بيانُ أنَّ على الأبِ أن يَقومَ بالمؤنةِ التي في صلاحِ صِغارِ ولدِه من رَضاعٍ ونفقةٍ وكِسوةٍ