للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخدمةٍ» (١).

والثَّاني والثَّالثُ: الفقرُ والزَّمانةُ، والفقرُ والجنونُ؛ لتحقُّقِ احتياجِهِم، فلا تجبُ للبالغينَ الأصحَّاءِ العقلاءِ إن كانوا ذوي كسبٍ.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَنَفَقَةُ الرَّقِيقِ وَالْبَهَائِهِم وَاجِبَةٌ، وَلَا يُكَلَّفُونَ مِنَ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُونَ»، من مَلَكَ عبدًا أو أمَةً، أو بهيمةً وَجَبَ عليه نفقتُه؛ فيطعِمُ رقيقَه من غالبِ قوتِ أهلِ البلدِ، ومِن غالبِ أُدْمِهِم بقدرِ الكفايةِ، ويكسوه من غالبِ كسوتِهم، ولا يُكَلَّفونَ من العملِ ما لا يُطيقونَ، فإذا استعملَ المالكُ رقيقَه نهارًا أراحَه ليلًا وعَكْسُه، ويريحُه صيفًا وقتَ القيلولةِ؛ لحديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ، وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا يُطِيقُ» (٢).

وكذلك البهائمُ والدَّوابُّ؛ لحديثِ عبدِ اللهِ بنِ جعفرٍ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ حائطًا لرَجلٍ من الأنصارِ فإذا جملٌ، فلما رأى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم حَنَّ وذَرَفَت عيناهُ، فأتاه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فمَسَحَ ذِفْرَاهُ فسكتَ، فقالَ: «لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ؟»، فجاء فَتًى مِن الأنصارِ، فقالَ: لي يا رسولَ اللهِ، فقالَ: «أَفَلَا تَتَّقِي اللهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللهُ إِيَّاهَا؟ فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ» (٣).


(١) «الأم» (٥/ ٩٤).
(٢) رواه مسلم (١٦٦٢).
(٣) رواه أحمد (١٧٤٥)، وأبو داود (٢٥٤٩)، والحاكم (٢٤٨٥)، وصحَّحه، وأقرَّه الذَّهبي، وقال الخطَّابيُّ رحمه الله في «معالم السُّنن» (٢/ ٢٤٨): «الذفرى من البعيرِ مؤخَّرُ رأسِه، وهو الموضعُ الذي يَعْرَقُ من قفاه.
وقوله: (تُدْئِبُهُ)؛ يريدُ تكدُّه وتُتْعِبُه».

<<  <   >  >>