للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودليلُ هذه المقاديرِ ما ذكَرَه الشَّافعيُّ رحمه الله؛ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم دَفَعَ إلى الذي أصابَ أهلَه في شهرِ رمضانَ بعَرَقٍ فيه خمسةَ عشرَ صاعًا لستِّينَ مسكينًا، لكلِّ مسكينٍ مُدٌّ، وجَعَلَ في فديةِ الكفَّارةِ للأذى مُدَّيْنِ لكلِّ مسكينٍ، فأقلُّ القوتِ مُدٌّ، وأوسعُه مُدَّانِ، والوسطُ بينهما مُدٌّ ونصفٌ (١).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُخْدَمُ مِثْلُهَا فَعَلَيْهِ إِخْدَامُهَا»، إن كانت الزَّوجةُ ممن يُخْدَمُ مِثْلُها بأن كانت تُخْدَمُ في بيتِ أبيها فعليه إخدامُها؛ لأنَّه من المعاشَرةِ بالمعروفِ.

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَإِنْ أَعْسَرَ بِنَفَقَتِهَا فَلَهَا فَسْخُ النِّكَاحِ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَعْسَرَ بِالصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ»، إن أَعْسَرَ الزَّوجُ بنفقةِ زوجتِه فهي بالخِيارِ؛ إن شاءت صَبَرَتْ وأَنْفَقَتْ من مالِها، أو اقترضت وأَنْفَقَتْ على نفْسِها، ونفقتُها في ذمَّتِه إلى أن يوسِرَ، وإن شاءت فَسَخَتِ النِّكاحَ؛ لحديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في الرَّجلِ لا يجدُ ما يُنفقُ على امرأتِه: «يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا» (٢).

وكذلك يَثْبُتُ لها خِيارُ الفسخِ إن أَعْسَرَ بالصَّداقِ قبلَ الدُّخولِ للعجزِ عن تسليمِ العِوَضِ مع بقاءِ المُعَوَّضِ، فأَشْبهَ ما إذا لم يَقْبِضِ البائعُ الثَّمَنَ حتَّى حُجِرَ على المشتري بالفَلَسِ والمبيعُ باقٍ بعينِه، ولا تَفْسَخُ بعدَهُ لتلفِ المُعَوَّضِ وصَيْرورةِ العِوَضِ دَينًا في الذِّمَّةِ.


(١) «الأم» (٥/ ٩٦).
(٢) رواه الدَّارقطني (٣٧٨٤).

<<  <   >  >>