للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقُطِعَت اليدُ اليُمنى للسَّرقةِ، والرِّجلُ للمحارَبةِ.

٤ - «فَإِنْ أَخَافُوا السَّبِيلَ وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا وَلَمْ يَقْتُلُوا حُبِسُوا وَعُزِّرُوا»، إن أخافَ المحاربِونَ السَّبيلَ -أي: الطَّريقَ- بوقوفِهم فيه، ولم يأخذوا مالًا من المارَّةِ، ولم يَقْتُلُوا منهم أَحدًا حُبِسوا في غيرِ موضِعهم؛ لأنَّه أحوطُ وأبلغُ في الزَّجرِ والإيحاشِ، وعُزِّروا بما يراه الإمامُ من ضربٍ وغيرِه لارتكابِهِم معصيةً لا حَدَّ فيها ولا كفَّارةَ، وعَطْفُ المُصَنِّفِ رحمه الله التَّعزيرَ على الحبسِ هو من عطفِ العامِّ على الخاصِّ؛ إذ الحبسُ من جنسِ التَّعزيرِ.

ودليلُ جميعِ ما سَبَقَ؛ قولُه تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: ٣٣].

قال ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «إذا قَتَلوا وأخذوا المالَ قُتِلُوا وصُلِبُوا، وإذا قَتَلُوا ولم يأخذوا المالَ قُتِلُوا ولم يُصْلَبوا، وإذا أخذوا المالَ ولم يَقْتُلُوا قُطِعَتْ أيديهم وأرجُلُهم من خلافٍ وإذا أخافوا السَّبيلَ ولم يأخذوا مالًا نُفُوا من الأرضِ (١).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَمَنْ تَابَ مِنْهُمْ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ وَأُخِذَ بِالْحُقُوقِ»؛ أيْ: إنَّ من تابَ من قطَّاعِ الطُّرقِ قبلَ القدرةِ عليه سَقَطَتْ عنه العقوباتُ المختصَّةُ بقطَّاعِ الطَّريقِ؛ لقولِه تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلمُوا أَنَّ


(١) رواه الشَّافعيُّ في «مسنده» (٢٨٢).

<<  <   >  >>