وقال عَرْفَجَةُ بنُ ضُرَيْحٍ رضي الله عنه: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، وَيُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ»(١).
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَيُقَاتَلُ أَهْلُ الْبَغْيُ بِثَلَاثَةِ شَرَائِطَ:
١ - أَنْ يَكُونُوا فِي مَنَعَةٍ»، وذلك بكثرةِ عَددِهم؛ بحيثُ لا يمْكنُ تفريقُ جمعِهم إلَّا بقتالِهم، فإن كانوا آحادًا لا يَمْتَنِعُونَ استُوفِيت منهم الحقوقُ، ولم يُقاتَلوا.
٢ - «وَأَنْ يَخْرُجُوا عَنْ قَبْضَةِ الْإِمَامِ»؛ بانفرادِهم بِبَلْدَةٍ أو قرية ينحازون إليها، ويتميَّزون بها، كأهلِ الجملِ وصِفِّينَ، فإن كانوا على اختلاطِهم بأهلِ العدلِ ولم ينفردوا عنهم لم يقاتَلوا، ولا تجري عليهم أحكامُ البغاةِ.
٣ - «وَأن يَكونَ لَهُمْ تَأْوِيلٌ سَائِغٌ»، كالَّذي تأوَّلَه أهلُ الجَملِ وصِفِّينَ في المطالَبةِ بدمِ عثمانَ بنِ عفَّانَ رضي الله عنه حيثُ اعتَقدوا أنَّه يَعْرِفُ قَتَلَتَهُ، ويَقْدِرُ عليهم ويَمْنَعُهم منهم لرضاه بقتلِه، ومواطأتِه إيَّاهم، وكذا كلُّ تأويلٍ بطلانُه مظنونٌ، فإن لم يكنْ لهم تأويلٌ، أُجْرِيَ عليهم حُكمُ الحِرابةِ وقطَّاعِ الطَّريقِ.
ويُرْسِلُ إليهم الإمامُ من يَنْصَحُهم ويدعوهم إلى الطَّاعةِ، ويكشفُ لهم ما عندَهم من الشُّبَهِ، ويحذِّرُهم من عاقبةِ البغيِ،