للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويُنذرُهم بالقِتالِ إن أصرُّوا على ما هم عليه، وهذا ما فَعَلَه عليٌّ رضي الله عنه حيث بَعَثَ ابنَ عبَّاسٍ رضي الله عنهما إلى الخوارجِ فناظَرَهَم فرَجَعَ منهم أربعةُ آلافٍ وأصرَّ الباقون، فقاتَلَهم عليٌّ رضي الله عنه (١).

قال أبو شجاع رحمه الله: «وَلَا يُقْتَلُ أَسِيرُهُمْ، وَلَا يُغْنَمُ مَالُهُمْ، وَلَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحِهِمْ»، ممَّا يَختلفُ فيه قتالُ أهلِ البغيِ من المسْلمينَ عن قِتالِ الكفَّارِ أنه إذا أُخِذَ منهم أسرى لا يُقْتَلُون، كما أنَّهم لا يُسْتَرَقُّونَ، وإذا أُخِذَتْ منهم أموالٌ لا تُقْسَمُ كما تُقْسَمُ الغنائمُ، بل تُحْفَظُ حتى إذا انتهى بغيُهم رُدَّت إليهم، وإذا وُجِدَ منهم جريحٌ لا يُذَفَّفُ عليه؛ أيْ: لا يُتَمَّمُ قتلُه، وإذا وَلَّى أحدُهم هاربًا فلا يُتْبَعُ، يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ رضي الله عنهما قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لعبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ: «يَا ابْنَ مَسْعُودٍ، أَتَدْرِي مَا حُكْمُ اللهِ فِيمَنْ بَغَى مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ؟»، قال ابنُ مسعودٍ: اللهُ ورسولُه أَعْلَمُ، قالَ: «فَإِنَّ حُكْمَ اللهِ فِيهِمْ أَنْ لَا يُتْبَعَ مُدْبِرُهُمْ، وَلَا يُقْتَلَ أَسِيرُهُمْ وَلَا يُذَفَّفَ عَلَى جَرِيحِهِمْ» (٢).

وفي روايةٍ: «وَلَا يُقَسَّمَ فَيْؤُهُمْ» (٣)؛ أيْ: ما يُغْنَمُ منهم.

وأَمَرَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضي الله عنه مناديَه يومَ الجملِ فنادى: «لا يُتْبَعُ مُدْبِرٌ، ولا يُذَفَّفُ على جريحٍ، ولا يُقْتَلُ أسيرٌ، ومَن أَغْلَقَ بابَه


(١) رواه أحمد (٦٥٦)، والحاكم (٢٦٥٧)، وصحَّحه، وأقرَّه الذَّهبي.
(٢) رواه الحاكم في «المستدرَك» (٢٦٦٢). وتذفيفُ الجريحِ: الإجهازُ عليه وتعجيلُ قتلِه.
(٣) رواه البيهقيُّ في «السُّنن الكبرى» (١٦٥٣٢).

<<  <   >  >>